كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 9)

@ 414 @
الزمان فأولد مرشد عدة أولاد ذكور وكبروا وسادوا منهم عز الدولة أبو الحسن علي ومؤيد الدولة أسامة وغيرهما ولم يولد لأخيه سلطان ولد ذكر إلى أن كبر فجاءه أولاد ذكور فحسد أخاه على ذلك وخاف أولاد أخيه على أولاده وسعى بينهم المفسدون فغيروا كلا منهما على أخيه فكتب سلطان إلى أخيه مرشد أبيات شعر يعاتبه على أشياء بلغته عنه فأجابه بشعر في معناه رأيت إثبات ما تمس الحاجة إليه منه وهي هذه الأبيات
( ظلوم أبت في الظلم إلا تماديا ... وفي الصد والهجران إلا تغاليا )
( شكت هجرنا والذنب في ذاك ذنبها ... فيا عجبا من ظالم جاء شاكيا )
( وطاوعت الواشين في وطالما ... عصيت عذولا في هواها وواشيا )
( ومال بها تيه الجمال إلى القلى ... وهيهات أن أمسى لها الدهر قاليا )
( ولا ناسيا ما أودعت من عهودها ... وإن هي أبدت جفوة وتناسيا )
( ولما أتاني من قريضك جوهر ... جمعت المعالي فيه لي والمعانيا )
( وكنت هجرت الشعر حينا لأنه ... تولى برغمي حين وليا شبابيا )
( وأين من السنين لفظ مفرق ... إذا رمت أدنى القول منه عصانيا )
( وقلت أخي يرعى بني وأسرتي ... ويحفظ عهدي فيهم وذماميا )
( ويجزيهم ما لم أكلفه فعله ... لنفسي فقد أعددته من تراثيا )
( فمالك لما أن حنى الدهر صعدتي ... وثلم مني صارما كان ماضيا )
( تنكرت حتى صار برك قسوة ... وقربك مني جفوة وتناسيا )
( وأصبحت صفر الكف مما رجوته ... أرى اليأس قد عفى سبيل رجائيا )
( على أنني ما حلت عما عهدته ... ولا غيرت هذي السنون وداديا )
( فلا غرو عند الحادثات فإنني ... أراك يميني والأنام شماليا )
( تحل بها عذراء لو قرنت بها ... نجوم السماء لم تعد دراريا )
( تحلت بدر من صفاتك زانها ... كما زان منظوم اللآلي الغوانيا )
( وعش بانيا للمجد ما كان واهيا ... مشيدا من الإحسان ما كان هاويا )
وكان الأمر بينهما فيه تماسك فلما توفي مرشد سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة قلب أخوه لأولاده ظهر المجن وبادأهم بما يسوءهم وأخرجهم من شيزر فتفرقوا وقصد أكثرهم نور الدين وشكوا إليه ما لقوا من عمهم
فغاظه ذلك ولم يمكنه قصده

الصفحة 414