كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 9)
@ 416 @
أربعين سنة وكان قبلها يخاطب بالملك عشرين سنة ولم يزل أمره عاليا وجده متراقيا إلى أن أسره الغز على ما ذكرناه ثم إنه خلص بعد مدة وجمع إليه أطرافه وكاد يعود إليه ملكه فأدركه أجله وكان مهيبا كريما رفيقا بالرعية وكانت البلاد في زمانه آمنة ولما مات دفن في قبة بناها لنفسه سماها دار الآخرة ولما وصل خبر موته إلى بغداد قطعت خطبته ولم يجلس له في الديوان للعزاء ولما حضر السلطان سنجر الموت استخلف على خراسان الملك محمود بن محمد بن بغراخان وهو ابن اخت السلطان سنجر فأقام بها خائفا من الغز فقصد جرجان يستظهر بها وعاد الغز إلى مرو وخراسان واجتمع طائفة من عساكر خراسان على أي أبه المؤيد فاستولى على طرف من خراسان وبقيت خراسان على هذا الاختلال إلى سنة أربع وخمسين
وراسل الغز الملك محمودا على ما نذكره سنة ثلاث وخمسين وسألوه أن يحضر عندهم ليملكوه عليهم فلم يثق إليهم وخافهم على نفسه فأرسل ابنه إليهم فأطاعوه مديدة ثم لحق بهم الملك محمود على ما نذكره سنة ثلاث وخمسين
$ ذكر ملك المسلمين مدينة المرية وانقراض دولة الملثمين بالأندلس $
في هذه السنة انقرضت دولة الملثمين بالأندلس وملك أصحاب عبد المؤمن مدينة المرية من الفرنج
وسبب ذلك أن عبد المؤمن لما استعمل ابنه أبا سعيد على الجزيرة الخضراء ومالقة عبر ابو سعيد البحر إلى مالقة واتخذها دارا وكاتبه ميمون بن بدر اللمتوني صاحي غرناطة أن يوحد ويسلم إليه غرناطة فقبل أبو سعيد ذلك منه وتسلم غرناطة فسار ميمون إلى مالقة بأهله وولده فتلقاه أبو سعيد وأكرمه ووجهه إلى مراكش فأقبل عليه عبد المؤمن وانقرضت دولة الملثمين ولم يبق لهم إلا جزيرة ميورقة مع حمو بن غانية فلما ملك أبو سعيد غرناطة جمع الجيوش وسار إلى مدينة المرية وهي بأيدي الفرنج أخذوها من المسلمين سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة فلما نازلها وافاه الأسطول من سبتة وفيه خلق كثير من المسلمين فحصروا المرية برا وبحرا وجاء الفرنج إلى حصنها فحصرهم فيها ونزل عسكره على الجبل المشرف عليها وبنى أبو سعيد سورا على الجبل المذكور إلى البحر وعمل عليه خندقا فصارت المدينة والحصن الذي فيه الفرنج محصورا بهذا السور والخندق ولا يمكن من ينجدهما من أن يصل إليهما فجمع الأذفونش ملك الفرنج بالأندلس المعروف
الصفحة 416
504