كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 9)
@ 439 @
يدخل إلى أبيه كل يوم فقالوا لا بد لنا من أحد من أرباب الدولة فوقع اختيارهم على أبي المعالي ابن الكيا الهراسي فدعوه إلى ذلك فأجابهم على أن يكون وزيرا فبذلوا له ما طلب فلما استقرت القاعدة بينهم وعلمت أم أبي علي أحضرت عدة من الجواري وأعطتهن السكاكين وأمرتهن بقتل ولي العهد المستنجد بالله وكان له خصي صغير يرسله كل وقت يتعرف أخبار والده فرأى الجواري بأيديهن السكاكين ورأى بيد أبي علي وأمه سيفين فعاد إلى المستنجد وأخبره وأرسلته هي إلى المستنجد تقول له إن والده قد حضره الموت ليحضر ويشاهده فاستدعى أستاذ دار عضد الدولة وأخذه معه وجماعة من الفراشين ودخل الدار وقد لبس الدرع وأخذ بيده السيف فلما دخل ثار الجواري فضرب واحدة منهن فجرحها وكذلك أخرى وصاح ودخل أستاذ الدار ومعه الفراشون فهرب الجواري وأخذ أخاه أبا علي وأمه فسجنهما وأخذ الجواري فقتل منهن وغرق منهن ودفع الله عنه فلما توفي المقتفي لأمر الله جلس للبيعة فبايعه أهله وأقاربه وأولهم عمه أبو طالب ثم أخوه أبو جعفر بن المقتفي وكان أكبر من المستنجد ثم بايعه الوزير بن هبيرة وقاضي القضاة وأرباب الدولة والعلماء وخطب له يوم الجمعة ونثرت الدنانير والدراهم
حكى عنه الوزير عون الدين بن هبيرة أنه قال رأيت رسول الله في المنام منذ خمس عشرة سنة وقال لي يبقى أبوك في الخلافة خمس عشرة سنة فكان كما قال قال ثم رأيته قبل موت أبي المقتفي بأربعة اشهر فدخل بي في باب كبير ثم ارتقى إلى رأس جبل وصلى بي ركعتين ثم ألبسني قميصا ثم قال لي قل اللهم اهدني فيمن هديت وذكر دعاء القنوت ولما ولي الخلافة أقر ابن هبيرة على وزارته وأصحاب الولايات على ولاياتهم وأزال المكوس والضرائب وقبض على القاضي ابن المرخم وكان بئس الحاكم وأخذ منه مالا كثيرا وأخذت كتبه فأحرق منها في الرحبة ما كان في علوم الفلاسفة فكان منها كتاب الشفاء لابن سينا وكتاب إخوان الصفا وما يشاكلهما
وقدم عضد الدين ابن رئيس الرؤساء وكان أستاذ الدار ومكنه وتقدم إلى الوزير أن يقوم له وعزل قاضي القضاة أبا الحسن علي بن أحمد الدامغاني ورتب مكانه أبا جعفر عبد الواحد الثقفي وخلع عليه
الصفحة 439
504