كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 9)
@ 450 @
الأموال إلى أمراء المصريين ودعتهم إلى قتله وكان أشدهم عليه في ذلك إنسان يقال له ابن الداعي فوقفوا له في دهليز القصر فلما دخل ضربوه بالسكاكين على دهش فجرحوه جراحات مهلكة إلا أنه حمل إلى داره وفيه حياة فأرسل إلى العاضد يعاتبه على الرضا بقتله مع أثره في خلافته فأقسم العاضد أنه لا يعلم بذلك ولم يرض به فقال إن كنت بريئا فسلم عمتك إلي حتى انتقم منها فأمر بأخذها فأرسل إليها فأخذها قهرا وأحضرت عنده فقتلها ووصى بالوزارة لابنه رزيك ولقب العادل فانتقل الأمر إليه بعد وفاة أبيه وللصالح أشعار حسنة بليغة تدل على فضل غزير فمنها في الافتخار
( أبى الله إلا أن يدوم لنا الدهر ... ويخدمنا في ملكنا العز والنصر )
( علمنا بأن المال تفنى ألوفه ... ويبقى لنا من بعده الأجر والذكر )
( خلطنا الندى بالبأس حتى كأننا ... سحاب لديه البرق والرعد والقطر )
( قرانا إذا رحنا إلى الحرب مرة ... قرانا ومن أضيافنا الذئب والنسر )
( كما أننا في السلم نبذل جودنا ... ويرتع في أنعامنا العبد والحر )
وكان الصالح كريما فيه أدب له شعر جيد وكان لأهل العلم عنده إنفاق ويرسل إليهم العطاء الكثير بلغه أن الشيخ أبا محمد بن الدهان النحوي البغدادي المقيم بالموصل قد شرح بيتا من شعره وهو هذا
( تجنب سمعي ما تقول العواذل ... وأصبح لي شغل من الغزو شاغل )
قجهز إليه هدية سنية ليرسلها إليه فقتل قبل إرسالها وبلغه أيضا أن إنسانا من أعيان الموصل قد أثنى عليه بمكة فأرسل إليه كتابا يشكره ومعه هدية وكان الصالح إماميا لم يكن على مذهب العلويين المصريين ولما ولي العاضد الخلافة وركب سمع الصالح ضجة عظيمة فقال ما الخبر فقيل إنهم يفرحون بالخليفة فقال كأني بهؤلاء الجهلة وهم يقولون ما مات الأول حتى استخلف هذا وما علموا أنني كنت من ساعة أستعرضهم استعراض الغنم قال عمارة دخلت إلى صالح قبل قتله بثلاثة أيام فناولني قرطاسا فيه بيتان من شعره وهما
( نحن في غفلة ونوم وللموت ... عيون يقظانة لا تنام )
الصفحة 450
504