كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 9)
@ 467 @
بلبيس قال أخرج أصحابه بين يديه وبقي في آخرهم وبيده لت من حديد يحمي ساقتهم والمسلمون والفرنج ينظرون إليه قال فأتاه فرنجي من الغرباء الذين خرجوا من البحر فقال له أما تخاف أن يغدر بك هؤلاء المصريون والفرنج وقد أحاطوا بك وبأصحابك ولا يبقى لكم بقية فقال شيركوه يا ليتهم فعلوه حتى كنت ترى ما أفعله كنت والله أضع السيف فلا يقتل منا رجل حتى يقتل منهم رجال وحينئذ يقصدهم الملك العادل نور الدين وقد ضعفوا وفني شجعانهم فنملك بلادهم ونهلك من بقي والله لو أطاعني هؤلاء لخرجت إليكم من أول يوم ولكنهم امتنعوا فصلب على وجهه وقال كنا نعجب من فرنج هذه البلاد ومبالغتهم في صفتك وخوفهم منك والآن فقد عذرناهم ثم رجع عنه وسار شيركوه إلى الشام فرصل سالما وكان الفرنج قد وضعوا له على مضيق في الطريق رصدا ليأخذوه أو ينالوا منه ظفرا فعلم بهم فعاد عن ذلك الطريق ففيه يقول عمارة
( أخذتم عن الإفرنج كل ثنية ... وقلت لأيدي الخيل مري على ( مري ) )
( لئن نصبوا في البر جسرا فإنكم ... عبرتم ببحر من حديد على الجسر )
ولفظه مري في آخر البيت الأول اسم ملك الفرنج & ذكر هزيمة الفرنج وفتح حارم &
في هذه السنة في شهر رمضان فتح نور الدين محمود بن زنكي قلعة حارم من الفرنج وسبب ذلك أن نور الدين لما عاد منهزما من البقيعة تحت حصن الأكراد كما ذكرناه قبل فرق الأموال والسلام وغير ذلك من الآلات على ما تقدم فعاد العسكر كأنهم لم يصابوا وأخذ في الاستعداد للجهاد والأخذ بثأره واتفق مسير بعض الفرنج مع ملكهم إلى مصر كما ذكرناه فأراد أن يقصد بلادهم ليعودوا عن مصر فأرسل إلى أخيه قطب الدين مودود صاحب الموصل وديار الجزيرة وإلى فخر الدين قرا أرسلان صاحب حصن كيفا وإلى نجم الدين ألبي صاحب ماردين وغيرهم من أصحاب الأطراف يستنجدهم فأما قطب الدين فإنه جمع عسكره وسار مجدا وفي مقدمته زين الدين علي أمير جيشه وأما فخر الدين صاحب
الصفحة 467
504