كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 9)

@ 469 @
زين الدين علي في عسكر الموصل على راجل الفرنج فأفناهم قتلا وأسرا وعاد خيالتهم ولم يمنعوا في الطلب خوفا على راجلهم فعاد المنهزمون في آثارهم فلما وصل الفرنج رأوا رجالهم قتلى وأسرى فسقط في أيديهم ورأوا أنهم قد هلكوا وبقوا في الوسط قد أحدق بهم المسلمون من كل جانب فاشتدت الحرب وقامت على ساق وكثر القتل فغي الفرنج وتمت عليهم الهزيمة فعدل حينئذ المسلمون عن القتل إلى الأسر فإسروا ما لا يحد وفي جملة الأسرى صاحب أنطاكية والقمص صاحب طرابلس وكان شيطان الفرنج وأشدهم شكيمة على المسلمين والدوك مقدم الروم وابن جوسلين وكان عدة القتلى تزيد على عشرة آلاف قتيل وأشار المسلون على نور الدين بالمسير إلى أنطاكية وتملكها لخلوها من حام يحميها ومقاتل يدب عنها فلم يفعل وقال أما المدينة فأمرها سهل وأما المدينة القلعة فمنيعة وربما سلموها إلى ملك الروم لأن صاحبها ابن أخيه ومجاورة بيمند أحب إلي من مجاورة صاحب قسطنطينية وبث السرايا في تلك الأعمال فنهبوها وأسروا أهلها وقتلوهم ثم إنه فادى برنس بيمند صاحب أنطاكية واشترى من المسلمين خلقا كثيرا فأطلقهم & ذكر ملك نور الدين قلعة بانياس من الفرنج أيضا &
في ذي الحجة من هذه السنة فتح نور الدين محمود قلعة بانياس وهي بالقرب من دمشق وكانت بيد الفرنج من سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة ولما فتح حارم أذن لعسكر الموصل وديار بكر بالعود إلى بلادهم وأظهر أنه يريد طبرية فجعل من بقي من الفرنج همتهم حفظها وتقويتها فسار محمود إلى بانياس لعلمه بقلة من فيها من الحماة المانعين عنها نازلها وضيق عليها وقاتلها وكان في جملة عسكره أخوه نصرة الدين أمير أميران فأصابه سهم فأذهب إحدى عينيه فلما رآه نور الدين قال له لو كشف لك عن الأجر الذي أعد لك لتمنيت ذهاب الأخرى وجد في حصارها فسمع الفرنج فجمعوا فلم تتكامل عدتهم حتى فتحها على أن الفرنج كانوا قد ضعفوا بقتل رجالهم بحارم وأسرهم فملك القلعة وملأها ذخائر وعدة ورجالا وشاطر الفرنج في أعمال طبرية وقرروا له على الأعمال التي لم يشاطرهم علها مالا في كل سنة ووصل خبر ملك حارم وحصن بانياس إلى الفرنج بمصر فصالحوا شيركوه وعادوا ليدركوا بانياس فلم يصلوا إلا وقد ملكها ولما عاد منها إلى دمشق

الصفحة 469