@ 47 @
الرزاق في جباية الأموال وأيلغازي شحنة
وكان لما دخل بغداد قد خلف عسكره بطريق خراسان فنهبوا البلاد وخربوها فأخذهم السلطان محمد معه وجد السير إلى روذراور
وأما السلطان بركيارق فقد تقدم سنة أربع وتسعين أنه سار من بغداد عند وصول محمد إليه قاصدا إلى واسط فلما سمع عسكر واسط بقربه منهم خافوا منه وأخذوا نساءهم وأولادهم وأموالهم وجمعوا السفن جميعها وانحدروا إلى الزبيدية فأقاموا هناك ووصل السلطان وهو شديد المرض يحمل في محفة وقد هلك من دواب عسكره ومتاعهم الكثير فإنهم كانوا يجدون السير خوفا أن يتبعهم السلطان محمد أو الأمير صدقة صاحب الحلة فكانوا كلما جاوزوا قنطرة هدموها ليمتنع من يجتاز بها من اتباعهم ولما وصلوا إلى ولسط عوفي بركيارق ولم يكن له ولأصحابه همة غير العبور من الجانب الغربي إلى الجانب الشرقي فلم يجد هناك سفينة وكان الزمان شاتيا شديد البرد والماء زائدا وكان أهل البلد قد خافوهم فلزموا الجامع فخلت الطرق والأسواق من مجتاز فيها فخرج القاضي أبو علي الفارقي إلى العسكر واجتمع إلى الأمير أياز والوزير واستعطفهما للخلق وطلب إنفاذ شحنة لتطمئن القلوب فأجابوه إلى ملتسمه وقالوا له نريد أن تجمع لنا منن بعير دوابنا في الماء ونسبح معها فجمع لهم من شباب واسط وأعطاهم الأجرة الوافرة فعبروا دوابهم من الخيل والبغال والجمال وكان الأمير أياز بنفسه يسوق الدواب ويفعل ما يفعله الغلمان ولم يكن معهم غير سفينة واحدة انحدرت مع السلطان من بغداد فعبروا أموالهم ورحالهم فيها فلما صاروا في الجانب الشرقي اطمأنوا ونهب العسكر البلد فرجع القاضي وجدد الخطاب في الكف عنهم فأجيب إلى ذلك فأرسل معه من يمنع من النهب
ثم أن عسكر واسط أرسلوا إلى بركيارق يطلبون الأمان ليحضروا لخدمة السلطان فأمنهم فحضر أكثرهم عنده وساروا معه إلى بلاد بني برسق فحضروا أيضا عنده وخدموه واجتمعت العساكر عليه وبلغه مسير أخيه محمد عن بغداد فسار يتبعه على نهاوند فأدركه بروذراور وكان العسكران متقاربين في العدة كل واحد منهما أربعة آلاف فارس من الأتراك فتصافوا أول يوم جميع النهار ولم يجر بينهم قتال لشدة البرد وعادوا في اليوم الثاني ثم توافقوا كذلك ثم كان الرجل يخرج من أحد الصفين فيخرج غليه من يقاتله فإذا تقاربا اعتنق كل واحد منهما صاحبه وسلم عليه ويعود عنه ثم خرج الأمير يلدجي وغيره من عسكر محمد إلى الأمير أياز والوزير