@ 49 @
سبعين فارسا والبلد في حكمه وفيه نائبه ومعه من الأمراء الأمير ينال وغيره من الأمراء ودخل المدينة في ربيع الأول وأمر بتجديد ما تشعث من السور وهذا السور هو الذي بناه علاء الدولة بن كاكويه سنة تسع وعشرين وأربعمائة عند خوفه من طغرلبك وأمر محمد بتعميق الخندق حتى صعد الماء فيه وسلم إلى كل أمير كان معه في البلد ألف ومائة فارس وخمسمائة راجل ونصب المنجنيق
ولما علم السلطان بركيارق بمسير أخيه محمد إلى أصبهان سار يتبعه فوصلها في جمادى الأولى وعساكره كثيرة تزيد على خمسة عشر ألف فارس ومعها مائة ألف من الحواشي وأقام يحاصر البلد وضيق عليه وكان السلطان محمد يدور كل ليلة على سور البلد ثلاث دفعات فلما زاد الأمر في الحصار أخرج الضعفاء والفقراء من البلد حتى خلت المحال وعدمت الأقوات وأكل الناس الخيل والجمال وغير ذلك وقلت الأموال فاضطر السلطان محمد إلى أن يستقرض من أعيان البلد فأخذ مالا عظيما ثم عاود الجند الطلب فقسط على أهل البلد شيئا آخر وأخذه منهم بالشدة والعنف فلم تزل الأسعار تغلو حتى بلغ عشرة أمنان من الحنطة بدينار وأربعة أرطال لحما بدينار وكل مائة رطل تبنا بأربعة دنانير ورخصت الأمتعة وهانت لعدم الطالب وكانت الأسعار في عسكر بركيارق رخيصة فبقي الحصار على البلد إلى عاشر ذي الحجة فلما رأى السلطان محمد أنه لا قدرة له على الدفع عن البلد وكلما جاء أمره يضعف قوي عزمه على مفارقته وقصد جهة أخرى يجمع فيها العساكر ويعود بدفع الخصم عن الحصار فسار عنا لبلد في مائة وخمسين فارسا ومعه الأمير ينال واستخلف بالبلد جماعة من الأمراء الكبار في باقي العسكر فلما فارق العسكر والبلد لم يكن في دوابهم ما يدوم على السير لقلة العلف في الحصار فنزل على ستة فراسخ
فلما سمع بركيارق بمسيره سير وراءه الأمير أياز في عسكر كثير وأمره بالجد في السير في طلبه فقيل إن محمدا سبقهم فلم يدركوه فرجعوا
وقيل بل أدركوه فأرسل إلى الأمير أياز يقول أنت تعلم أن لي في رقبتك عهودا وأيمانا ما نقضت ولم يكن مني إليك ما تبالغ في أذاي فعاد عنه وأرسل له خيلا وأخذ علمه والجنز وثلاثة أحمال دنانير وعاد إلى بركيارق فدخل عليه وأعلام أخيه السلطان محمد منكوسة
فأنكر بركيارق ذلك وقال إن قد أساء فلا ينبغي أن يعمل معه هذا فأخبره الخبر
فاستحسن ذلك منه فلما فارق محمد أصبهان اجتمع من المفسدين والسوادية ومن يرد النهب ما يزيد على مائة ألف نفس وزحفوا إلى البلد بالسلاليم والدبابات