كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 9)

@ 53 @
أيس منهم عاد إلى البصرة وساروا بإزائه من الجانب الآخر فوصل إلى العمر وعبر طائفة من أصحابه فوق البلد وهو يظن أن البلد خاليا وأن الناس قد خرجوا منه لما رأى كثرة من بإزائه فيوقع الحريق في البلد فإذا رجع الأتراك عاد هو من ورائهم فكان ظنه خائبا لأن العامة كانوا على دجلة أولهم في البلد وآخرهم مع الأتراك بإزائه فلما عبر أصحابه عاد الأتراك عليهم ومعهم العامة فقتلوا منهم ثلاثين رجلا وأسروا خلقا كثيرا وألقى الباقون أنفسهم في الماء فأتاه من ذلك مصيبة لم يظنها وسار أعيان أصحابه مأسورين وعاد إلى البصرة وكان عوده من سعادته فإنه كان قد قصد الأمير أبو سعد محمد بن مضر بن محمود البصرة ذلك الوقت وله أعمال واسعة منها نصف عمان وجناية وسيراف وجزيرة بني نقيس
وكان سبب قصده إياها أنه كان قد صار مع إسماعيل إنسان يعرف بجعفرك وآخر اسمه زنجويه والثالث بأبي الفضل الأبلي فأطمعوه في أن يعمل مراكب يرسل فيها مقاتلة في البحر إلى هذا أبي سعد وغيره فعمل نيفا وعشرين قطعة فلما علم أبو سعد الحال أرسل جماعة كثيرة من أصحابه في نحو خمسين قطعة فأتوا إلى دجلة البصرة وذلك في السنة الخالية فأقاموا بها محاربين وظفروا بطائفة من أصحاب إسماعيل وقتلوا صاحب قلعة الأبلة وكاتبوا بني برسق بخوزستان يطلبون أن يرسلوا عسكرا ليساعدوهم على أخذ البصرة فتمادى الجواب وركن الطائفتان إلى الصلح على أن يسلم إليهم إسماعيل جعفرك ورفيقه ويقطعهم مواضع ذكروها من أعمال البصرة فلما رجعوا لم يفعل شيئا من ذلك وأخذ مركبين لقوم من أصحاب أبي سعيد فحمله ذلك على أن سار بنفسه في قطع كثيرة تزيد على مائة قطعة بين كبيرة وصغيرة ووصل إلى فوهة نهر الأبلة وخرج عسكر إسماعيل في عدة مراكب ووقع القتال بينهم وكان البحريون في نحو عشرة آلاف وإسماعيل في سبعمائة وأصعد البحريون في دجلة فأحرقوا عدة مواضع وتفرق عسكر إسماعيل فبعضه بالأبلة وبعضه بنهر الدين وبعضه في مواضع آخر فلما ضعف إسماعيل عن مقاومة أبي سعد طلب من وكيل الخليفة على ما يتعلق بديوانه من البلاد أن يسعى في الصلح فأرسل إليه في ذلك فأعاد الجواب يذكر قبح ما عامله به إسماعيل مرة بعد أخرى وتكررت الرسائل بينهم فأجاب إلى الصلح فاصطلحا واجتمعا وعاد أبو سعد إلى بلاده وحمل كل واحد منهما لصاحبه هدية جميلة

الصفحة 53