@ 58 @
على منزلته
ثم تقدم قدرخان فلما تدانى العسكران أرسل سنجر يذكر قدرخان العهود والمواثيق القديمة فلم يصغ إلى قواه وأذكى سنجر العيون والجواسيس على قدرخان فكان لا يخفي عنه شيء من خبره فأتاه من أخبر أنه نزل بالقرب من بلخ وأنه خرج متصيدا في ثلاثمائة فارس فندب سنجر عند ذلك الأمير بزغش لقصده فسار إليه فلحقه وهو على تلك الحال فقاتله فلم يصبر من مع قدرخان فانهزموا وأسر كندغدي وقدرخان وأحضرهما عند سنجر
فأما قدرخان فإنه قبل الأرض واعتذر فقال له سنجر إن خدمتنا أو لم تخدمنا فما جزاؤك إلا السيف ثم أمر به فقتل فلما سمع كندغدي الخبر نجا بنفسه في قناة ومشى فيها فرسخين تحت الأرض على مايه من النقرس
وقتل فيها حيتين عظيمتين وسبق أصحابه إلى مخرجها وسار منها في ثلاثمائة فارس إلى غزنة
وقيل بل جمع سنجر عساكر كثيرة والتقى هو وقدرخان وجرى بينهما مصاف وقتال عظيم كثير فيه القتل فيهم فانهزم قدرخان وعسكره وحمل أسيرا إلى سنجر فقتله وحصر ترمذ وبها كندغدي فطلب الأمان فأمنه سنجر ونزل إليه وسلم ترمذ فأمره سنجر بمفارقة بلاده فسار إلى غزنة فلما وصل إليها أكرمه صاحبها علاء الدولة وحل عنده المحل الكبير واتفق أن صاحب غزنة عزم على قصد أوتان وهي جبال منيعة على أربعين فرسخا من غزنة وقد عصا عليه فيها قوم وتحصنوا بمعاقلها ووعور مسالكها فقاتلهم عسكر علاء الدولة فلم يظفروا منهم بطائل فتقدم كندغدي منفردا عنهم فأبلى بلاء حسنا ونصر عليهم وأخذ غنائمهم وحملها إلى علاء الدولة فلم يقبل منها شيئا ووفرها عليه فغضب العسكر وحسدوه على ذلك وعلى قربه من صاحبهم ونفاقه عليه فأشار بقبضه وقالوا إنا لا نأمن أن يقصد بعض الأماكن فيفعل في أمر الدولة ما لا يمكن تلافيه فقال قد تحققت قصدكم ولكن بمن أقبض عليه فإني أخاف أن آمركم بالقبض عليه فينالكم منه ما لا تفتضحون به فقالوا الصواب أن توليه ولاية ويقبض عليه إذا سار إليها فولاه حصنين جرت عادته أن يسجن فيهما من يخاف جانبه فسار غليهما فلما قاربهما عرف ما يراد منه فأحرق ماله ونحر جماله وسار جريدة وكان في مدة مقامه بغزنة يسأل عن الطرق وتشعبها فإنه ندم على قصد تلك الجهة فلما سار سأل راعيا عن الطريق التي يريدها فدله فأخذه معه خوفا أن يكون قد غره ولم يزل سائرا إلى أن وصل