@ 67 @
إلى النظر في الديوان ومن عجب ما جرى من الكلام الذي وقع بعد أيام أن سديد الملك كان يسكن في دار عميد الدولة بن جهير وجلس فيها مجلسا عاما يحضره الناس لوعظ المؤيد عيسى الغزنوي فأنشدوا أبياتا ارتجلها
( سديد الملك سدت وخضت بحرا ... عميق اللج فاحفظ فيه روحك )
( وأحي معالم الخيرات واجعل ... لسان الصدق في الدنيا فتوحك )
( وفي الماضين معتبر فأسرج ... مروحك في السلامة أو جموحك )
ثم قال سديد الملك من شرب من مرقة السلطان احترقت شفتاه ولو بعد زمان ثم أشار إلى الدار وقرأ { وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم } فقبض على الوزير بعد أيام
$ ذكر ملك الملك دقاق مدينة الرحبة $
في هذه السنة في شعبان ملك الملك دقاق بن تتش صاحب دمشق الرحبة وكانت بيد إنسان اسمه قايماز من مماليك السلطان ألب أرسلان فلما قتل كربوقا استولى عليها فسار دقاق وطغتكين أتابكه إليه وحصراه بها ثم رحل عنه وتوفي قايماز هذه السنة في صفر وقام غلام تركي اسمه حسن فأبعد عنه كثيرا من جنده وخطب لنفسه وخاف من دقاق فاستظهر وأخذ جماعة من السلارية الذين يخافوهم فقبض عليهم وقتل جماعة من أعيان البلد وحبس آخرين وصادرهم فتوجه دقاق إليه وحصره فسلم العامة البلد إليه واعتصم حسن بالقلعة فأمنه دقاق فسلم القلعة إليه فأقطعه أقطاعا كثيرا بالشام وقرر أمر الرحبة وأحسن إلى أهلها وجعل فيها من يحفظها ورحل عنها إلى دمشق
$ ذكر أخبار الفرنج بالشام $
كان الأفضل أمير الجيوش بمصر قد أنفذ مملوكا لأبيه لقبه سعد الدولة ويعرف بالطواشي إلى الشام لحرب الفرنج فلقيهم بين الرملة ويافا ومقدم الفرنج يعرف ببغدوين لعنه الله تعالى وتصافوا واقتتلوا فحملت الفرنج حملة صادقة فانهزم المسلمون وكان المنجمون يقولون لسعد الدولة إنك تموت مترديا فكان يحذر من ركوب