كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 9)

@ 78 @
وانقادوا له أدركته منيته ولم يهزم في حروبه غير مرة واحدة وكان امراؤه قد طمعوا فيه للاختلاف الواقع حتى أنهم كانوا يطلبون نوابه ليقتلوهم فلا يمكنه الدفع عنهم وكان متى خطب له ببغداد وقع الغلاء
ووقفت المعايش والمكاسب وكان أهلها مع ذلك يحبونه ويختارون سلطانه وقد ذكرنا من تقلب الأحوال به ما وقفت عليه ومن أعجبها دخوله أصبهان هاربا من عمه تتش فمكنه عسكر أخيه محمود صاحبها من دخولها ليقبضوا عليه فاتفق أن أخاه محمودا مات فاضطربوا إلى أن يملكوه وهذا من أحسن الفرج بعد الشدة
وكان حليما كريما صبورا عاقلا كثير المداراة لا يبالغ في العقوبة وكان عفوه أكثر من عقوبته
$ ذكر الخطبة لملكشاه بن بركيارق $
في هذه السنة خطب لملكشاه بن بركيارق بالديوان يوم الخميس سلخ ربيع الآخر وخطب له بجوامع بغداد يوم الجمعة وكان سبب ذلك أن أيلغازي شحنة بغداد سار في المحرم إلى السلطان بركيارق وهو بأصبيهان يحثه على الوصول إلى بغداد رحل مع بركيارق فلما مات سار مع ولده ملكشاه والأمير أياز إلى بغداد فوصلوها سابع عشر ربيع الآخر ولقوا في طريقهم بردا شديدا لم يشاهدوا مثله بحيث أنهم لم يقدروا على الماء لجموده وخرج الوزير أبو القاسم علي بن جهير فلقيهم من ديالي وكانوا خمسة آلاف فارس وحضر أيلغازي والأمير طغايرك بالديوان وخاطبوا في إقامة الخطبة لملكشاه بن بركيارق فأجيب إليها وخطب له ولقب بألقاب جده ملكشاه وهي جلال وغيره من الألقاب ونثرت الدنانير عند الخطبة له
$ ذكر حصر السلطان محمد جكرمش بالموصل $
لما اصطلح السلطان بركيارق والسلطان محمد كما ذكرناه في السنة الخالية وسلم محمد مدينة أصبهان إلى بركيارق وسار إليها أقام محمد بتبريز من أذربيجان إلى أن وصل أصحابه الذين بأصبهان فلما وصلوا استوزر سعد الملك أبا المحاسن لحسن أثره كان في حفظ أصبهان وأقام إلى صفر من هذه السنة وسار إلى مراغة ثم إلى إربل يريد قصد جكرمش صاحب الموصل ليأخذ بلاده فلما سمع جكرمش بمسيره إليه جدد سور الموصل ورم ما احتاج إلى إصلاح وأمر أهل السواد بدخول البلد وأذن لأصحابه في نهب من لم يدخل وحصر محمد المدينة وأرسل إلى جكرمش يذكر له

الصفحة 78