كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 9)

@ 79 @
الصلح بينه وبين أخيه أن في جملة ما استقر أن تكون الموصل وبلاد الجزيرة له وعرض عليه الكتب من بركيارق إليه بذلك والأيمان على تسليمها إليه وقال له أين أطعت فأنا لا آخذها منك بل أقرها بيدك وتكون الخطبة لي بها فقال جكرمش إن كتب السلطان وردت إلي بعد الصلح تأمرني أن لا أسلم البلد إلى غيره فملا رأى محمد امتناعه باكره القتال وزحف إليه بالنقابين والدبابات وقاتل أهل البلد أشد قتال وقتلوا خلقا كثيرا لمحبتهم لجكرمش لحسن سيرته فيهم فأمر جكرمش ففتح في السور أبواب لطاف يخرج منها الرجالة يقاتلون فكانوا يكثرون القتل في العسكر ثم زحف محمد مرة فنقب في السور أصحابه وأدركهم الليل فأصبحوا وقد عمره أهل البلد وشحنوه بالمقاتلة وكانت الأسعار عندهم رخيصة في الحصار كانت الأسعار وعندهم رخيصة في الحصار كانت الحنطة تساوي كل ثلاثين مكوكا دينارا والشعير خمسون مكوكا بدينار وكان بعض عسكر جكرمش قد اجتمعوا بتل يعفر فكان يغيرون على أطراف العسكر ويمنعون الميرة عنهم فدام القتال عليهم إلى عاشر جمادى الأولى فوصل الخبر إلى جكرمش بوفاة السلطان بريكارق فأحضر أهل البلد واستشارهم فيما يفعله بعد موت السلطان فقالوا أموالنا وأرواحنا بين يديك وأنت أعرف بشأنك فاستشر الجند فهم أعرف بذلك فاستشار أمراءه فقالوا لما كان السلطان حيا قد كنا على الامتناع ولم يتمكن أحد من طروق بلدنا وحيث توفي فليس للناس اليوم سلطان غير هذا والدخول تحت طاعته أولى فأرسل إلى محمد يبذل الطاعة ويطلب وزيره سعد الملك ليدخل إليه فحضر الوزير وأخذ بيده وقال المصلحة أن تحضر الساعة عند السلطان فإنه لا يخالفك في جميع ما تلتمسه وأخذ بيده وقام فسار معه جكرمش فلما رآه أهل الموصل جعلوا يبكون ويضجون ويحثون التراب على رؤوسهم فلما دخل على السلطان محمد أقبل عليه وأكرمه وعانقه ولم يمكنه من الجلوس وقال ارجع إلى رعيتك فإن قلوبهم إليك وهم متطلعون إلى عودك فقبل الأرض وعاد ومعه جماعة من خواص السلطان وسأل السلطان من الغد أن يدخل البلد لتزين له فامتنع من ذلك فعمل سماطا بظاهر الموصل عظيما وحمل إلى السلطان من الهدايا والتحف ولوزيره أشياء جليلة المقدار
$ ذكر وصول السلطان إلى بغداد وصلحه مع ابن أخيه والأمير أياز $
لما وصل خبر وفاة السلطان بركيارق إلى أخيه السلطان محمد وهو يحاصر

الصفحة 79