كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 9)

@ 80 @
الموصل جلس للعزاء وأصلح جكرمش صاحب الموصل كما ذكرناه وسار إلى بغداد ومعه سكمان القطبي وهو ينسب إلى قطب الدولة إسماعيل بن ياقوتي بن داود وإسماعيل ابن عم ملكشاه وسار معه جكرمش وغيرهما من الأمراء وكان سيف الدولة صدقة صاحب الحلة قد جمع خلقا كثيرا من العساكر فبلغت عدتهم خمسة عشر ألف فارس وعشرة آلاف راجل وأرسل ولديه بدران ودبيسا إلى السلطان محمد يستحثه على المجيء إلى بغداد فلما سمع الأمير أياز بمسيره إليه خرج هو والعسكر الذين معه من الدور ونصبوا الخيام بالزاهر خارج بغداد وجمع الأمراء واستشارهم فيما يفعله فبذلوا له الطاعة وايمن على قتاله وحربه ومنعه عن السلطنة والاتفاق معه على طاعة ملكشاه بن بركيارق وكان أشدهم في ذلك ينال وصباوو فإنهم بالغوا في الأطماع في السلطان محمد والمنع له من السلطنة فلما تفرقوا قال له وزيره الصفي أبو المحاسن يا مولانا إن حياتي مقرونة بثبات نعمتك ودولتك وأنا أكثر التزاما بك من هؤلاء وليس الرأي ما أشاروا به فإن كلامهم يقصد أن يسلك طريقا وأن يقيم سوقا لنفسه بك وأكثرهم يناوئك في المنزلة وإنما يقعد بهم عن منازعتك قلة العدد والمال والصواب مصالحة السلطان محمد وطاعته وهو يقرك على إقطاعك ويزيدك عليه مهما أردت
فتردد رأي الأمير أياز في الصلح والمباينة إلا أن حركته في المباينة ظاهرة وجمع السفن التي ببغداد عنده وضبط المشارع من متطرق إلى عسكره وإلى البلد ووصل السلطان محمد إلى بغداد يوم الجمعة لثمان بقين من جمادى الأولى ونزل عند الجانب الغربي بأعلى بغداد وخطب له بالجانب الغربي ولملكشاه بن بركيارق بالجانب الشرقي وأما جامع المنصور فإن الخطيب قال فيه اللهم أصلح سلطان العالم وسكت وخاف الناس من امتداد اشر والنهب فركب أياز في عسكره وهم عازمون على الحرب وسار إلى أن أشرف على عسكر اسلطان محمد وعاد إلى مخيمه فدعا الأمراء إلى اليمين مرة ثانية على المخالصة لملكشاه فأجاب البعض وتوقف البعض وقالوا قد حلفنا مرة ولا فائدة في إعادة اليمين لأننا إن وفينا بالأولى وفينا بالثانية وإن لم نف بالأولى فلا نفي بالثانية
فأمر أياز حينئذ وزيره الصفي أبا المحاسن بالعبور إلى السلطان محمد في الصلح وتسليم السلطنة إليه وترك منازعته فيها فعبر يوم السبت لسبع بقين من الشهر إلى عسكر محمد واجتمع بوزيره سعد الملك أبي المحاسن سعد بن محمد فعرفه ما جاء فيه فحضر عند السلطان محمد وأدى الصفي رسالة

الصفحة 80