كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 9)

@ 82 @
وأياز وجكرمش وغيرهم من الأمراء فلما حضروا أرسل إليهم أنه بلغنا أن قلج أرسلان بن سلمان بن قتلمش قصد ديار بكر ليتملكها ويسير منها إلى الجزيرة وينبغي أن تجتمع آراؤكم على من يسير غليه ليمنعه ويقاتله فقال الجماعة ليس لهذا غير الأمير أياز فقال أياز ينبغي أن أجتمع أنا وسيف الدولة صدقة بن مزيد على هذا الأمر والدفع لهذا القاصد فقيل ذلك للسلطان فأعاد الجواب يستدعى أياز وصدقة والوزير سعد الملك ليحرر الأمر في حضرته فنهضوا ليدخلوا إليه وكان قد أعد جماعة من خواصه ليقتلوا أياز إذا دخل إليه فلما دخلوا ضرب أحدهم رأسه فأبانه فأما صدقة فغطى وجهه بكمه وأما الوزير فإنه غشي عليه ولف أياز في مسح وألقي على الطريق عند دار المملكة وركب عسكر أياز فنهبوا ما قدروا عليه من داره فأرسل السلطان من حماها من النهب وتفرق أصحابه من يومهم وكان زوال تلك النعمة العظيمة والدولة الكبيرة في لحظة بسبب هزل ومزح
فلما كان من الغد كفنه قوم من المتطوعة ودفنوه في المقابر المجاورة لقبر أبي حنيفة رحمه الله وكان عمره قد جاوز أربعين سنة وهو من جملة مماليك السلطان ملكشاه ثم صار بعد موته في جملة أمير آخر فاتخذه ولدا
وكان غزير المروءة شجاعا حسن الرأي في الحرب وأما وزيره الصفي فإنه اختفى ثم أخذ وحمل إلى دار الوزير سعد الملك ثم قتل في رمضان وعمره ست وثلاثون سنة وكان من بيت رياسة بهمذان
$ ذكر وفاة سقمان بن أرتق $
كان فخر الملك عمار صاحب طرابلس قد كاتب سقمان يستدعيه إلة نصرته على الفرنج وبذل له المعونة بالمال والرجال فبينما هو يتجهز للمسير أتاه كتاب طغتكين صاحب دمشق يخبره أنه مريض قد أشفى على الموت وأنه يخاف إن مات وليس بدمشق من يحميها أن يملكها الفرنج ويستدعيه ليوصي إليه وبما يعتمده في حفظ البلد فلما رأى أسرع في السير عازما على أخذ دمشق وقصد الفرنج في طرابلس وإبعادهم عنها فوصل إلى القريتين واتصل خبره بطغتطين فخاف عاقبة ما صنع ولقوة فكره زاد مرضه ولامه أصحابه على ما فرط في تدبيره وخوفوه عاقبة ما فعل وقالوا له قد رأيت سيدك تاج الدولة لما استدعاه إلى دمشق ليمنعه كيف قتله عينه عليه فبينما هم يدبرون الرأي بأي حيلة يردونه أتاهم الخبر بأنه وصل القريتين ومات وحمله أصحابه

الصفحة 82