كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 9)

@ 83 @
وعادوا به فأتوهم فرج لم يحسبوه وكان مرضه الذي مات به الخوانيق يعتريه دائما فأشار عليه أصحابه بالعود إلى حصن كيفا فامتنع وقال بل أسير فإن عوفيت تممت ما عزمت عليه ولا يراني الله تثاقلت عن قتال الكفار خوفا من الموت وإن أدركني أجلي كنت شهيدا سائر في جهاد فساروا فاعتقل لسانه يومين ومات في صفر وبقي ابنه إبراهيم في أصحابه وجعل في تابوت وحمل إلى الحصن
وكان حازما داهيا ذا رأي كثير الخير
وقد ذكرنا سبب أخذه لحصن كيفا
وأما ملكه ماردين فإن كربوقا خرج من الموصل فقصد آمد وحارب صاحبها فاستنجد صاحبها وهو تركماني بسقمان فحضر عنده وصاف كربوقا
وكان عماد الدين زنكي بن آقسنقر حينئذ صبيا قد حضر مع كربوقا ومعه جماعة كثيرة من أصحاب أبيه فلما اشتد القتال ظهر سقمان فألقى أصحاب آقسنقر زنكي ولد صاحبهم بين أرجل الخيل وقالوا قاتلوا عن ابن صاحبكم فقاتلوا حينئذ قتالا شديدا فانهزم سقمان وأسروا ابن أخيه ياقوتي بن أرتق فسجنه كربوقا بقلعة ماردين وكان صاحبها إنسانا مغنيا للسلطان بركيارق فطلب منه ماردين وأعمالها فأقطعه إياها فبقي ياقوتي في حبسه مدة فمضت زوجة أرتق إلى كربوقا وسألته إطلاقه فأطلقه فنزل عند ماردين وكانت قد أعجبته فأقام ليعمل في تملكها والاستيلاء عليها وكان من عند ماردين من الأكراد قد طمعوا في صاحبها المغني وأغاروا على أعمال ماردين عدة دفعات فراسله ياقوتي يقول قد صار بيننا مودة وصداقة وأريد أن أعمر بلدك بأن أمنع عنه الأكراد وأغير على الأماكن وآخذ الأموال أنفقها في بلدك وأقيم في الربض فأذن له في ذلك فجعل يغير من باب خلاط إلى بغداد فصار ينزل معه بعض أجناد القلعة طلبا للكسب وهو يكرمهم ولا يعترضهم فأمنوا إليه فاتفق أن في بعض الأوقات نزل معه أكثرهم فلما عادوا من الغارة أمر بقبضهم وتقييدهم وسبقهم إلى القلعة نادى من بها من أهليهم إن فتحتم الباب وإلا ضربت أعناقكم فامتنعوا فقتل إنسانا منهم فسلم القلعة من بها إليه وبقي بها ثم إنه جمع جميعا وسار إلى نصيبين وأغار على بلد جزيرة ابن عمر هي لجكرمش فلما عاد أصحابه بالغنيمة أتاهم جكرمش وكان ياقوتي قد أصابه مرض عجز معه عن لبس السلاح وركوب الخيل فحمل إلى فرسه فركبه وأصابه سهم فسقط منه فأتاه جكرمش وهو يجود بنفسه فبكى عليه وقال له ما حملك على ما صنعت يا ياقوتي فلم يجبه فمات ومضت زوجة أرتق إلى ابنها سقمان وجمعت التركمان وطلبت بثار ابن ابنها

الصفحة 83