@ 89 @
وبغدوين فتارة لهؤلاء وتارة لهؤلاء ففي آخر الأمر بنى بغدوين حصنا بينه وبين دمشق نحو يومين فخاف طغتكين من عاقبة ذلك وما يحدث به من الضرور فجمع عسكره وخرج إلى مقاتلتهم فسار بغدوين ملك القدس وعكا وغيرهما إلى هذا القمص ليعاضده ويساعده على المسلمين فعرفه القمص غناه عنه وأنه قادر على مقارعة المسلمين إن قاتلوه فعاد بغدوين إلى عكا وتقدم طغتكين إلى الفرنج واقتتلوا واشتد القتال فانهزم أميران من عسكر دمشق فتبعهما طغتكين وقتلهما وانهزم الفرنج إلى حصنهم فاحتموابه فقال طغتكين من أحسن قتالهم وطلب مني أمرا فعلته معه ومن أتاني بحجر من حجارة الحصن أعطيته خمسة دنانير فبذل الرجالة نفوسهم وصعدوا إلى الحصن وخربوه وحملوا حجارته إلى طغتكين فوفى لهم بما وعدهم وأمر بالقاء الجارة في الوادي وأسروا من بالحصن فأمر بهم فقتلوا كلهم واستبقى الفرسان أسراء وكانوا مائتي فارس ولم ينج ممن كان في الحصن إلا القليل وعاد طغتكين إلى دمشق منصورا فزين البلد أربعة أيام وخرج منها إلى رفنية وهو من حصون الشام وقد تغلب عليه الفرنج وصاحبه ابن أخت صنجيل المقيم على حصار طرابلس فحصره طغتكين وملكه وقتل به خمسمائة رجل من الفرنج
$ ذكر الحرب بين عبادة وخفاجة $
في هذه السنة كانت حرب شديد بين عبادة وخفاجة
وسببها أن رجلا من عبادة أخذ منه جماعة خفاجة جملين فجاء إليهم وطالبهم بهما فلم يعطوه شيئا فأخذ منهم غارة أحد عشر بعيرا فلحقته خفاجة وقتلوا من أصحابه رجلا وقطعوا يد آخر
وكان ذلك بالموقف من الحلة السيفية ففرق بينهم أهلها فسمعت عبادة الخبر فتواعدت وانحدرت إلى العراق للأخذ بثأرها وساروا مع جماعة من أمرائهم فبلغت عدتهم سبعمائة فارس وكانت خفاجة دون هذه العدة فراسلهم خفاجة يبذلون الدية ويصطلحون فلم تجبهم إلى ذلك عبادة وأشار به سيف الدولة صدقة فلم تقبل عبادة فالتقوا واقتتلوا بالقرب من الكوفة ومع عبادة الإبل والغنم بين البيوت فمكنت لهم خفاجة ثلاثمائة فارس وقاتلوهم مطاردة من غير جد في القتال فداموا كذلك ثلاثة أيام ثم إنهم اشتد بينهم القتال واختلطوا حتى تركوا الرماح وتضاربوا بالسيوف فبينما هم كذلك وقد أعيا الفريقان من القتال إذ طلع كمين خفاجة وهم مستريحون فانهزمت عبادة وانتصرت عليهم خفاجة