كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 9)

@ 90 @
وقتل من وجوه عبادة اثنا عشر رجلا ومن خفاجة جماعة وغنمت خفاجة الأموال من الخيل والإبل والغنم والعبيد والإماء صدقة بن مزيد الغنم والعبيد والإماء وكان الأمير صدقة بن مزيد قد أعان خفاجة سرا فلما وصل المنهزمون إليه هنأهم صدقة بالسلامة فقال له بعضهم ما زلت أقاتل وأضارب وأنا طامع في الظفر بهم حتى رأيت فرسك الشقراء تحت أحدهم فعلمت أنهم أجلبوا علينا بخيلك وأننا لا طاقة لنا بهم فنصروا علينا بمعونتك وفلونا بخدك فلم يجبه صدقة
$ ذكر ملك صدقة البصرة $
هذه السنة في جمادى الأولى انحدر سيف الدولة من الحلة إلى البصرة فملكها وقد ذكرنا فيما تقدم إسماعيل بن أرسلانجق من البصرة ونواحيها وأقام بها عشر سنين نافذ الأمر وازداد قوة وتمكنا بالاختلاف الواقع بين السلاطين وأخذ الأموال السلطانية وكان قد راسل صدقة وأظهر له أنه في طاعته وموافقته فلما استقر الأمر للسلطان محمد أراد أن يرسل إلى البصرة مقطعا يأخذها من إسماعيل فخاطب صدقة في معناه حتى أقرت البصرة عليه فأنفذ السلطان عميد إليها ليتولى ما يتعلق بالسلطان هناك فمنعه إسماعيل ولم يمكنه من عمله وفعل ما خرج به عن حد المجاملة فأمر السلطان صدقة بقصده وأخذ البصرة منه فتحرك لذلك فاتفق ظهور منكبرس وخلافه على السلطان وأنه على قصد واسط فسر إسماعيل بذلك وزاد انبساطه وأرسل صدقة حاجبا له وكان قبله قد خدم أباه وجده إلى إسماعيل يأمره بتسليم الشرطة وأعمالها إلى مهذب الدولة بن أبي الجبر لأنها كانت في ضمانه فوصل إلى الشرطة وأخذ منها أربعمائة دينار فأحضره إسماعيل وحبسه وأخذ الدنانير منه فلما رأى صدقة مكاشفته سار من حلته وأظهر أنه يريد قصد الرحبة ثم جد السير إلى البصرة فلم يشعر إسماعيل إلا بقربه منها ففرق أصحابه في القلاع التي استجدها بمطارا ونهر معقل وغيرهما واعتقل وجوه العباسيين وقاضي البصرة ومدرسها وأعيان أهلها ونازلهم صدقة فجرى قتال بين طائفة من عسكره وطائفة من البصريين قتل فيه أبو النجم بن أبي القاسم الورامي وهو ابن خال سيف الدولة صدقة فمما مدح به سيف الدولة ورثي به أبو النجم بن أبي القاسم قول بعضهم
( تهن يا خير من يحمي حريم حمى ... فتحا أغثت به الدنيا مع الدين )

الصفحة 90