@ 94 @
رهائنه فلما ملكه خلع طاعتهم ولم يرع حقهم فأرسلوا إليه يتهددونه بما يفعلونه بولده الذي عندهم فأعاد الجواب أنني لا أنزل من مكاني وابعثوا إلي ببعض أعضاء ولدي حتى آكله فأيسوا من رجوعه إلى الطاعة وأقام بأفامية يخيف السبيل ويقطع الطريق واجتمع عنده كثير من المفسدين فكثرت أمواله ثم إن الفرنج ملكوا سرمين وهي من أعمال حلب وأهله غلاة في التشيع فلما ملكه الفرنج تفرق أهله فتوجه القاضي الذي به إلى ابن ملاعب وأقام عنده فأكرمه وأحبه ووثق به فأعمل القاضي الحيلة عليه وكتب إلى أبي طاهر المعروف بابن الصائغ وهو من أعيان أصحاب رضوان ووجوه الباطنية ودعاتهم ووافقهم على الفتك بابن ملاعب وأن يسلم أفامية إلى الملك رضوان فظهر شيء من هذا فأتى إلى ابن ملاعب أولاده وكانوا قد تسللوا إليه من مصر وقالوا له قد بلغنا عن هذا القاضي كذا وكذا والرأي أن تعاجله وتحتاط لنفسك فإن الأمر قد اشتهر وظهر فأحضره ابن ملاعب فأتاه في كمه مصحف لأنه رأى أمارات الشر فقال له ابن ملاعب ما بلغه عنه فقال له أيها الأمير قد علم كل أحد أني أتيتك خائفا جائعا فأمنتني وأغنيتني وعززتني فصرت ذا مال وجاه فإن كان بعض من حسدني على منزلتي منك ما غمرني من نعمتك سعى بي إليك فأسألك أن تأخذ جميع ما معي وأخرج كما جئت
وحلف له على الوفاء والنصح فقبل عذره وأمنه
وعاود القاضي مكاتبة أبي طاهر بن الصائغ وأشار عليه أن يوافق رضوانا على إنفاذ ثلاثمائة رجل من أهل سرمين وينفذ معهم خيلا من خيول الفرنج وسلاحا من أسلحتهم ورؤوسا من رؤوس الفرنج ويأتون إلى ابن ملاعب ويظهرون أنهم غزاة ويشكون من سوء معاملة الملك رضوان وأصحابه لهم وأنهم فارقوه فلقيهم طائفة من الفرنج فظفروا بهم ويحملون جميع ما معهم إليه فإذا أذن لهم في المقام اتفقت آرواؤهم على أعمال الحيلة عليه ففعل ابن الصائغ ذلك ووصل القوم إلى أفامية وقدموا إلى ابن ملاعب بما معهم من الخيل وغيرها فقبل ذلك منهم وأمرهم بالمقام عنده وأنزل عنده وأنزلهم في ربض أفامية فلما كان في بعض الليالي نام الحراس بالقلعة فقام القاضي ومن بالحصن من أهل سرمين ودلوا الحبال وأصعدوا أولئك القادمين جميعهم وقصد أولاد ابن ملاعب وبني عمه وأصحابه فقتلوهم وأتى القاضي وجماعة معه إلى ابن ملاعب وهو مع امرأته فأحس بهم فقال من أنت فقال ملك الموت جئت لقبض روحك فناشده الله فلم يرجه عنه