كتاب مناهج التحصيل ونتائج لطائف التأويل في شرح المدونة وحل مشكلاتها (اسم الجزء: 9)
فإن بلغ للزرع مبلغًا لا يقع به الانتفاع في حين الاستحقاق: فإن الزرع لصاحب الأرض بلا قيمة؛ كما لو كان الاستحقاق قبل البروز، إلا أن يشاء أن يكلف الزارع [قلعه] (¬1): فإن ذلك له.
وأما إذا وقع الاستحقاق بعد خروج الإبان، هل يكون الزرع للغاصب، أو للمغصوب منه؟
فالمذهب على ثلاثة أقوال:
أحدها: أن الزرع للغاصب، وعليه كراء الأرض، وهو قول مالك في المدونة.
والثاني: أن الزرع للمغصوب منه الأرض، وإن خرج الإبان وطاب الزرع أو حصد، وهذا القول مروي عن مالك أيضًا.
والثالث: أن الزرع للغاصب، وللمستحق أن يقلعه، ويأخذ أرضه، وهي رواية ذكرها أبو محمَّد عبد الوهاب القاضي في المذهب، والرواية الثانية حكاها الشيخ أبو الحسن اللخمي.
فوجه القول الأول: أن المستحق إذا استحق أرضه، وقد فات إبان الزرع: لا حق له في الزرع، وإنما حقه في كراء أرضه الذي انتفع به الغاصب لا أكثر، فإذا أخذه لم يظلم.
ووجه القول الثاني: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ليس لعرق ظالم حق" (¬2).
ووجه القول الثالث: ما رواه الترمذي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من زرع أرض قوم بغير إذنهم، فليس له من الزرع شيء، وله نفقته" (¬3)، ولم
¬__________
(¬1) في أ: قطعه.
(¬2) تقدم.
(¬3) أخرجه أبو داود (3403)، والترمذي (1366)، وابن ماجة (2466)، وأحمد (17308) من حديث رافع بن خديج، وصححه الشيخ الألباني -رحمه الله تعالى.
الصفحة 14
475