كتاب مناهج التحصيل ونتائج لطائف التأويل في شرح المدونة وحل مشكلاتها (اسم الجزء: 9)
فإن تعدّى في الوديعة، فتصرّف فيها، ثم ردها فضاعت بعد الرد، فلا يخلو من وجهين:
أحدهما: أن تكون الوديعة مما يرجع إلى المثل.
والثاني: أن تكون مما يرجع إلى القيمة.
فإن كانت مما يرجع إلى المثل كالعين، والمكيل، والموزون من الطعام، وسائر العروض، فهل يصدق في الرد أم لا؟ على ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه يصدق إن ادعى الرد، وبه قال ابن القاسم في "المدونة"، وأشهب، وابن عبد الحكم، وأصبغ في "الموازية".
الثاني: أنه لا يصدق ولا يبرأ؛ لأنه دين ثبت في ذمته، فلا يصدق في براءتها، وهو قول أهل المدينة من أصحاب مالك، وروايتهم عنه، [ورواه] (¬1) المصريون عنه، ولم يقولوا به.
والثالث: [أنه] (¬2) إن ردّها بإشهاد برئ، وإلا لم يبرأ [وبه] (¬3) أخذ ابن وهب.
والأقوال الثلاثة: حكاها يحيى بن عمر في "المنتخبة" على ما نقله الشيخ أبو محمَّد في "النوادر" (¬4).
وعلى القول بأنه يصدق في الرد، ويبرأ في الضياع، هل ذلك بيمين أم بغير يمين؟ على قولين:
أحدهما: أن ذلك بيمين، وهو قول أشهب في "مدونته"، وهو قول ابن المواز.
¬__________
(¬1) في أ: وروى.
(¬2) سقط من أ.
(¬3) سقط من أ.
(¬4) النوادر (10/ 445).