كتاب مناهج التحصيل ونتائج لطائف التأويل في شرح المدونة وحل مشكلاتها (اسم الجزء: 9)

وإن دفعه إليه بغير بيّنة، فهل يُصدّق في الدفع بتصديق المأمور [بالقبض] (¬1) أم لا؟ على قولين قائمين من "المدونة":
أحدهما: أنه لا يُصدق إلا بإتيان القابض بالمال، وهو نصُّ قوله في المدونة: في الذي باع الثوب من رجلٍ، وبعث معهُ عبدهُ أو أجيرُه ليقبض الثمن فقال: قبضتهُ وضاع منِّي.
والثاني: أنه يُصدّق ويبرأ مِن الضمان، وهذا القول يؤخذ من مسألة اللؤلؤة؛ لأنه كما جاز له أن يعمر ذمة غيره بدعواهُ، فكذلك يجوز له أن يُبرئ ذمة نفسه بدعواه؛ لأنه [في] (¬2) دعواه استند إلى إذن في الموضعين جميعًا.
وعلى القول بأن الدافع ضامن المال، فهل يرجع به على الوكيل القابض أم لا؟ فالمذهب على قولين:
أحدهما: أنه لا يرجع عليه بشيء؛ لأنه قد ائتمنهُ في الدفع وصدّقه، وهو مذهب "المدونة" وهو [قول] (¬3) ابن الماجشون؛ إلا أن يتبين من الوكيل تضييع وتفريط [وتعريض] (¬4) ما قبض من المال للتلف فيضمن.
والثاني: أنه يرجع عليه به؛ لأن الوكيل قد قبضهُ منه على معنى الاقتضاء وبراءة الذمة بوكالة [ثابتة] (¬5)، ولم يقبضه على معنى الأمانة من جهة [الدافع] (¬6)؛ لأنه مجبور على الدفع لثبوت الوكالة.
¬__________
(¬1) في أ: في القبض.
(¬2) زيادة يقتضيها المعنى.
(¬3) سقط من أ.
(¬4) سقط من أ.
(¬5) في أ: ثانية.
(¬6) سقط من ب.

الصفحة 233