كتاب مناهج التحصيل ونتائج لطائف التأويل في شرح المدونة وحل مشكلاتها (اسم الجزء: 9)
ومن اعتبر ضرر القسمة: قال بوجوب الشفعة، فيما ينقسم خاصة؛ لأن القسمة تضيق الواسع، وخراب العامر؛ وذلك أن كل واحد من الشريكين كان يجول في جميع الحائط مثلًا، وكان يتصرف في جميع تصرف المالك الواحد، فإذا قسم اقتصر تصرفه على سهمه خاصة، ويعود ضيقًا بعدما كان واسعًا، وعادت يده مقيدة بعدما كانت مطلقة.
وأما كونها خراب العامر؛ مثل أن يكون الذي لم يبع ضعيف التصرف، قليل المعرفة، وشريكه عنده من النجابة، والدراية، وجميل العشرة ما يتولى له خدمة جميع الحائط، أو يحتمل على نفسه أكثر [مؤنة العمل] (¬1) فيما بينهما من الشركة، ولا يؤاخذ بذلك شريكه؛ بل يسامحه ولا يناقشه، وقد يكون الدخيل على غير هذه الصفة، وربما يدعوه إلى القسمة، فيستضر بذلك الأصيل؛ إما لكونه إذا قسم الشيء المشترك بينهما انتقصت قيمته، وقل ثمنه، وإما لما يحتاج إليه من النفقة في استحداث المرافق في نصيبه، فليزمه في ذلك مؤنة كباب يحدثه، أو ما يلزمه من المؤن، والآخر الذي يختص بقسمة الأصول؛ إذ ليس كل واحد يحسن قسمتها، فلابد في أغلب الحال أن يستأجر على قسمتها من يختص بمعرفة ذلك، وهي علة صحيحة يشهد بصحتها اطرادها وانعكاسها، ألا ترى أن العروض التي تنقسم بالكيل، والوزن لا شفعة فيها؛ إذ لا [مؤنة] (¬2) في قسمتها.
وأما ما هو متعلق بالعقار مما هو ثابت لا [ينقل] (¬3) ولا يتحول كالبئر، وفحل النخل ما دام الأصول فيهما على صفة
¬__________
(¬1) في أ: مؤونة العامل.
(¬2) في أ: مؤونة.
(¬3) في أ: ينعقد.
الصفحة 63
475