كتاب شرح ألفية ابن مالك للشاطبي = المقاصد الشافية (اسم الجزء: 9)

وكلام الناظم في هذا الإبدال على ظاهر ما قال فيه، إذ ليس في حروف المد غير ما قال، كما كان فيما تقدم من المسائل، إلا أن عليه في هذا التقرير دركا في قوله: (والمد) لأنه لا يخلو أن يريد به المد كيف كان من تمكين أو لين مع مجانسة الحركة أو عدم المجانسة، فيدخل عليه كل واو أو ياء ساكنة كان ما قبلها من الحركة ليس من جنسها؛ لأنها إذا كانت على هذا الوصف ففيها مد، ولذلك لا يقع قول أو سيل في قافية مع وَبْل أو جهل، لما في الواو والياء من المد، ولأجل ذلك أيضا يجمع بين ساكنين في نحو أصيْمّ وقميْدّ في أصمّ وقمدّ، فتقول على هذا في عشوزن: عشائر [عشازن]، وفي عدولى -إن حذفت الألف-: عدائل، وهذا لا يكون، وإنما تقول: عشاوز، وعداول، وكذلك ما أشبهه، لا تهمزه البتة، أو يريد به المد الذي هو التمكين دون ما هو لين، ولا يكون ذلك إلا مع مجانسة الحركة. وهو الذي يظهر منه كما تقدم تفسيره، فيخرج عنه همز الياء في نحو كليبة وجريرة [حريرة] علمين منقولين إلى العلمية بعد حصول التصغير، فإنك إنما تقول: كلائب وحرائر بالهمز، وذلك كله لأجل أن المعتبر في حرف اللين إنما هو السكون والزيادة في الواحد خاصة ولا مبالاة بحركة ما قبله، فيستثنى منه ما جر فيه الحكم إلى تقدير الحركة كعشوزن وعدولى؛ لأنك لما حذفت النون والألف لإقامة بنية التكسير لم يكن بد من تقدير تحريك الواو لتصير عشوز وعدول، كجهور وجدول، لأن مثل عَدَوْل وعَشَوْز غير موجود، فصارت الواو بهذا التقدير متحركة، فيفعل بها ما يفعل بالمتحركة من

الصفحة 39