كتاب شرح ألفية ابن مالك للشاطبي = المقاصد الشافية (اسم الجزء: 9)

فالحاصل الآن من كلامه أنه يجب إبدال الواو الأولى من الواوين بثلاثة شروط، أحدها: أن تكونا في أول الكلمة، والثاني: ألا يفصل بينهما فاصل، والثالث: أن تبقى صورتهما على حالها، فالأول مأخوذ من نصه، والثاني والثالث مأخوذان من تمثيله.
الموضع الرابع: استثناء ما استثنى من هذه القاعدة، وذلك أنه لو تركها على إطلاقها لدخل له فيها وجوب الإبدال (في) نحو: ووري، وووفي، وووعد، وما أشبه ذلك مما الواو الثانية فيه مدة مجردة غير أصلية، فأخرج ذلك بقوله: (في بدء غير شبه ووفي الأشد) يعني أن ذلك الحكم إنما هو فيما سوى ووفي وما أشبهه، فما عدا ووفي فهو الذي استقر له ذلك، وأما ووفي فليس كذلك، بل تقول: ووفي، وووري، وووعد، وووفي [وووقي]، وما أشبه ذلك من غير أن يجب إبدال الأولى همزة.
وإنما قال: شبه كذا، ولمي قل: في غير ووفي الأشد، لئلا يفهم منه أن هذا اللفظ بعينه هو المستثنى وحده، وأنه شاذ خارج عن القياس، فأدخل شبه ليدل على أن ما كان مثله في الاشتمال على الأوصاف التي اتصف بها فعدم الإبدال قياس فيه أيضا، ولم يدخل (ووفي) في هذا الحكم بنصه بل بالمعنى، لأنه إنما قال: في [غير] شبه ووفي الأشد، فدخل له المشبه ولم يدخل له المشبه به بذلك النص. نعم دخل له بمعنى الكلام، لأنه إذا علق الحكم بالمشبه لأجل الشبه فتعلقه بنفس المشبه به أولى وهذا ظاهر.

الصفحة 68