كتاب شرح ألفية ابن مالك للشاطبي = المقاصد الشافية (اسم الجزء: 9)

الحروف التي تقدم ذكرها، أو يأتي بيانها، وأما الهمزة المفردة فليس فيها إبدال في الغالب، وإنما تسهيلها بين بين كالإمالة في بابها، فلم تخرج الهمزة فيه عن حقيقتها، ولذلك تبقى المتحركة بعد التسهيل على زنتها قبله إذا وقعت في شعر، ولذلك جعل النحويون كسيبويه وغيره لتسهيل الهمزة بابا على حدته خارجا عن التصريف.
وإذا تقرر هذا فالهمزتان إذا اجتمعتا في كلمة لم تخل من ستة عشر وجها، فالأولى لا تخلو من أربعة أوجه، أن تكون مفتوحة أو مضمومة أو مكسورة أو ساكنة، وكذلك الثانية لا تخلو من أربعة الأوجه، فإذا أخذت وجها من إحداهما مع كل وجه من الأخرى قام من ذلك اثنا عشر، فإذا فتحت الأولى مثلا كانت الثانية معها على الفتح أو الضم أو الكسر أو السكون، وكذلك إذا ضممتها كانت الثانية معها على أربعة الأوجه، وكذلك إذا كسرتها أو سكنتها، والناظم أخذ يتكلم على هذه الأوجه بقول جُمْلي، لكنه قدم قبل التفصيل فوائد عامة لما تكلم فيه:
إحداها: أن هذا الإبدال إنما يقع في ثاني الهمزتين لا في المبدوء بها، وذلك قوله: (ومدا ابدل ثاني الهمزين) فعين للإعلال الهمزة الثانية، وهذا صحيح، وإنما التزموا إبدال الثانية ولا بد لأن الاستثقال فيها يقع وليس في النطق بالأولى من حيث هي مع ما قبلها استثقال، فكان الإبدال حيث يقع الاستثقال أولى، وذلك في الثانية، وبهذا يُحتج للخليل في اختيار تخفيف الثانية من الهمزتين من كلمتين إذ يقول: الأصل أن يكون

الصفحة 79