كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 9)

على الباب. فيتطيّرون فيدخلوني.
«287» - قال نصر بن عليّ الجهضميّ: كان لي جار طفيلي، فكنت إذا حضرت إملاكا أو دعيت إلى مدعاة ركب معي، وجلس حيث أجلس، فيأكل وينصرف. وكان نظيفا عطرا حسن اللباس والمركب، وكنت لا أعرف من أمره إلا الظاهر. فاتّفق لجعفر بن القاسم الهاشميّ حقّ، فدعا له أشراف البصرة ووجوهها، وهو يومئذ أمير البصرة، فقلت في نفسي: إن تبعني هذا الرجل إلى دار الأمير لأخزينّه. فلما [كان] يوم الحضور، جاءني الرسول فركبت وإذا به قد تبعني حتى دخل بدخولي وارتفع معي حيث أجلست. فلما حضرنا الطعام، قلت: حدّثنا درست بن زياد [عن أبان] بن طارق عن نافع عن ابن عمر قال:
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: من دخل إلى دار قوم بغير إذنهم دخل سارقا وخرج مغيرا، ومن دعي فلم يجب، فقد عصى الله ورسوله. وظننت أني قد أسرفت على الرجل، وقصرت من لسانه. فأقبل عليّ وقال: أعيذك بالله يا أبا عمرو من هذا الكلام في دار الأمير! فإنّ الأشراف لا يحتملون التعريض باللؤم، وقد حظر الدين التعريض وعزّر عليه عمر؛ ووليمة الأمير [دعاء لأهل مصره] فإنّه سليل أهل السقاية والرّفادة والمطعمين الأفضلين الذين هشموا الثريد، وأبرزوا الجفان لمن غدا إليها وراح. ثم لا تتورّع- وأنت في بيت من العلم معروف- من أن تحدّث عن درست بن زياد وهو ضعيف عن أبان بن طارق وهو متروك الحديث بحكم رفعه إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلم والمسلمون على خلافه؛ لأنّ حكم السارق القطع، والمغير يعزّر على ما يراه الإمام، وهذان حكمان لا ينفذان على داخل دارا في مجمع، فيتناول لقما من فضل الله الذي آتى أهلها، ثم لا يحدث حدثا حتى يخرج عنها، وقد قال النبيّ صلّى الله عليه وسلم: طعام الواحد يكفي الاثنين، وطعام الاثنين

الصفحة 115