كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 9)

357- روي عن عبد الله بن جعفر بن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة أنّه قال: اجتمع رجال من بني هاشم في منزلي، منهم: إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس، وعبد الله بن عليّ، وغيرهما من بني العباس. ومن ولد أبي طالب: عبد الله بن الحسن بن الحسن، وابنا عبد الله محمد وإبراهيم، وجعفر بن محمد وغيرهم من أهلهم. وكان اجتماعهم للحجّ، فخفي بذلك أمرهم. فابتدأ محمد بن عبد الله، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد يا بني هاشم، فإنكم خيرة الله، وعترة رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وبنو عمّه وذرّيّته، فضّلكم الله بالوحي، وخصّكم بالنّبوّة، وإنّ أولى الناس بحفظ دين الله عزّ وجلّ، والذّبّ عن حرمه من وضعه الله تعالى بموضعكم من نبيّه صلّى الله عليه وسلم. وقد أصبحت الأمّة معصوبة، والسنّة مبدّلة، والأحكام معطّلة، فالباطل حيّ، والحقّ ميّت؛ فابذلوا أنفسكم في طاعة الله تعالى، واطلبوا باجتهادكم رضاه، واعتصموا بحبله، [وإياكم] أن تهونوا بعد كرامة، وتذلّوا بعد عزّ، كما ذلّت بنو إسرائيل من قبلكم وكانت أحبّ الخلق في وقتها إلى ربكم، فقال فيهم جلّ وعزّ: كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ
(المائدة: 79) . فمن رأى منكم نفسه أهلا لهذا الأمر، فإنّا نراه له أهلا، وهذه يدي له بالسّمع والطاعة؛ ومن أحسّ من نفسه ضعفا وخاف منها وهنا وعجزا، فلا يحلّ له التولّي على المسلمين، وليس بأفقههم في الدين، ولا أعلمهم بالتأويل، أقول قولي هذا، واستغفر الله العظيم لي ولكم.
قال: فو الله ما ردّ أحد كلمة غير أبي جعفر عبد الله بن محمد فإنه قال: [أمتع] الله قومك بك، وأكثر فيهم مثلك، فو الله لا يزال فينا من يسمو إلى الخير، ويرجى لدفع الضّيم، ما أبقاك الله لنا، وشدّ بك أزرنا. فقالوا لعبد الله: أنت شيخ بني هاشم وأقعدهم، فامدد يدك حتى نبايعك. فقال: ما أفعل ذلك، ولكن هذا ابني محمد، فبايعوه، فقالوا له: إنّما قيل لك هذا لأنّه لم يشكّ فيه، وههنا من هو أحقّ بالأمر منك، واختلطت الأصوات، وقاموا لوقت صلاة.

الصفحة 148