كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 9)

قال عتبة بن أبي لهب: كفرت بربّ النّجم، فقال صلّى الله عليه وسلم: اللهم سلّط عليه كلبا من كلابك. فخرج مع أصحابه في عير إلى الشام [فلما] كانوا بمكان يقال له الزرقاء، زأر الأسد، فجعلت فرائص عتبة ترعد، فقالوا: من أيّ شيء ترعد فرائصك، فو الله ما نحن وأنت إلا سواء؟ فقال: إنّ محمّدا دعا عليّ، ولا والله ما أظلّت السماء من ذي لهجة أصدق من محمد، ثم وضعوا العشاء، فلم يدخل يده فيه؛ ثم جاء النوم فحاطوا أنفسهم بمتاعهم ووسّطوه بينهم وناموا. فجاء الأسد يهمس [؟] يستنشي رؤوسهم رجلا رجلا حتى انتهى إليه فضغمه ضغمة كانت إيّاها، فسمع وهو بآخر رمق يقول: ألم أقل لكم إنّ محمّدا أصدق الناس؟! «371» - جابر بن عبد الله رضي الله عنه: بعثنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأمّر علينا أبا عبيدة نتلقّى عيرا لقريش، وزوّدنا جرابا من تمر لم يجد لنا غيره. فكان أبو عبيدة يعطينا تمرة تمرة نمصّها كما يمصّ الصبيّ، ثم نشرب عليها من الماء، فيكفينا يومنا إلى الليل، وكنا يضرب بعضنا الخبط ثم نبلّه بالماء فنأكله. فانطلقنا على ساحل البحر، فرفع لنا كهيئة الكثيب الضّخم، فأتيناه فإذا دابّة تدعى العنبر، فأقمنا عليه شهرا ونحن ثلاثمائة حتى سمنّا، ولقد رأيتنا نغترف من وقب عينه بالقلال الدّهن، ونقتطع منه الفدرة كالثّور، ولقد أخذ منّا أبو عبيدة [ثلاثة عشر] رجلا فأقعدهم في وقب عينه، وأخذ ضلعا من أضلاعه فأقامها، ثم رحل أعظم بعير منّا، فمرّ من تحتها، وتزوّدنا من لحمه وشائق، فلما قدمنا المدينة ذكرنا ذلك لرسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال: هو رزق أخرجه الله لكم، فهل معكم من لحمه شيء فتطعمونا؟ فأرسلنا إليه صلّى الله عليه وسلم فأكله.
«372» - قال خريم بن أوس: هاجرت إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم منصرفه من

الصفحة 160