كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 9)

«385» - وقد روي [أن المأمون قال] لأحمد حيث أشار بطاهر إنّه خالع [1] ، فقال أحمد: فأنا أضمنه، وأنّ أحمد أهدى إلى طاهر خادما كان ربّاه، وقرّر معه أن يسمّه إن تغيّر عن الطاعة، وأنّ الخادم سمّه في كامخ حيث فعل طاهر ما فعل، والله أعلم.
«386» - قال منجاب بن راشد: بعث أبو بكر العلاء بن الحضرميّ على قتال أهل الردّة بالبحرين، فتلاحق به من لم يرتدّ من المسلمين، فسلك بنا الدّهناء حتى إذا كنّا في بحبوحتها أراد الله أن يرينا آية، فنزل العلاء وأمر بالنزول، فنفرت الإبل في جوف الليل [فما بقي عندنا بعير] ولا زاد ولا مزاد، فما علمت جمعا هجم عليهم من الغمّ ما هجم علينا، وأوصى بعضنا إلى بعض. ونادى منادي العلاء: اجتمعوا، فاجتمعنا إليه، فقال: ما هذا الذي ظهر فيكم وغلب عليكم؟.
فقال الناس: وكيف نلام ونحن إن بلغنا غدا لم تحم شمسه حتى نصير حديثا؟
فقال: يا أيّها الناس، لا تراعوا، ألستم مسلمين؟ ألستم في سبيل الله؟ ألستم أنصار الله؟ قالوا: بلى، قال: فأبشروا، فو الله لا يخذل الله من كان في مثل حالكم. ونادى المنادي بصلاة الصبح حين طلع الفجر، فصلّى بنا، ومنّا المتيمّم ومنّا من لم يزل على طهوره. فلما قضى صلاته [جثا لركبتيه وجثا الناس، فنصب في] الدعاء ونصبوا له. فلمع سراب، فأقبل على الدّعاء، ثم لمع لهم آخر كذلك، فقال الرّائد: ماء! فقام وقام الناس، فمشينا إليه حتى نزلنا عليه فشربنا واغتسلنا، فما تعالى النهار حتى أقبلت الإبل من كلّ وجه، فأناخت، فقام كلّ رجل منّا إلى ظهره فأخذه، فما فقدنا سلكا، فأرويناها وسقيناها العلل بعد النّهل، وتروّينا ثم تروّحنا.
__________
[1] وفيات الأعيان: جائع.
[12 التذكرة الحمدونية 9

الصفحة 177