كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 9)
بن المنذر في ذلك: [من الطويل]
فإن يرقأ العرقوب لا يرقأ النّسا ... وما كلّ من يلقى بذلك عالم
ألم تر أنّا قد فللنا حماتهم ... بأسرة عمرو، والرّباب الأكارم
وأسر عفيف بن المنذر الغرور، فكلّمته الرّباب فيه وكان ابن أختهم، وسألوه أن يجيره، فجاء به إلى العلاء فقال: إني أجرته، فقال: ومن هو؟ قال الغرور، فقال له الغرور: إني لست بالغرور [ولكني المغرور، قال: أسلم، فأسلم وبقي] بهجر، وأصبح العلاء يقسم الأنفال، ونفّل رجالا من أهل البلاد ثيابا، فممّن نفّل عفيف بن المنذر، وقيس بن عاصم، وثمامة بن أثال. فأما ثمامة فنفّل ثيابا فيها خميصة ذات أعلام كان الحطم يباهي بها، فأخذ منها وباع الباقي.
وهرب الفلّال إلى دارين، فركبوا إليها السفن، فجمعهم الله إليها، وندب العلاء الناس إلى دارين، وخطبهم فقال: إنّ الله قد جمع لكم إخوان الشيطان وشرّاد الحرب في هذا اليوم، وقد أراكم من آياته في البرّ لتعتبروا بما في البحر، فانهضوا إلى عدوّكم واستعرضوا البحر [إليهم، فإنّ الله قد جمعهم، فقالوا:
نفعل] ولا نهاب والله [بعد الدّهناء هولا ما بقينا] .
فارتحل وارتحلوا حتى إذا أتى ساحل البحر اقتحموه على الخيل والحمولة والإبل والبغال والراكب والراجل، ودعا ودعوا، وكان دعاؤهم: يا أرحم الراحمين، يا كريم، يا حليم، يا أحد، يا صمد، يا حيّ، يا محيي الموتى، يا حيّ يا قيّوم، لا إله إلا أنت يا ربّنا. فأجازوا ذلك الخليج بإذن الله يمشون على مثل رملة ميثاء فوقها ماء يغمر أخفاف الإبل، وبين الساحل ودارين مسيرة يوم وليلة لسفن البحر. ووصل المسلمون إليها فما تركوا بها من المشركين مخبرا، وسبوا الذّراريّ، واستاقوا الأموال، فبلغ نفل [الفارس ستّة آلاف] والراجل ألفين فلما [فرغوا رجعوا] عودهم على بدئهم حتى عبروا. وأنشد في ذلك [عفيف] : [من الطويل]
الصفحة 180
476