كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 9)

ألم تر أنّ الله ذلّل بحره ... وأنزل بالكفّار إحدى الجلائل
دعونا الذي شقّ البحار فجاءنا ... بأعجب من شقّ البحار الأوائل
وكان بهجر راهب فأسلم يومئذ، فقيل له: ما دعاك إلى الإسلام؟ قال: ثلاثة أشياء خشيت أن يمسخني الله بعدها إن أنا لم أفعل: فيض الماء في الرمال، وتمهيد أثباج البحور، ودعاء سمعته في عسكرهم في الهواء في السّحر، قالوا: وما هو؟ قال: اللهم أنت أرحم الراحمين، لا إله إلا أنت، [البديع، ليس قبلك] شيء، والدائم غير [الغافل] ، والحيّ الذي لا يموت، وخالق ما يرى و [ما] لا يرى، وكلّ يوم أنت في شأن، وعلمت اللهم كلّ شيء بغير تعليم، فعلمت أنّ القوم لم يغاثوا بالملائكة إلا وهم على أمر الله.
«387» - دخل رجال من قريش وبني هاشم فيهم عبد الله بن العباس على معاوية في خلافته. فأقبل معاوية على القوم بوجهه وقال: يا بني هاشم، بم تفخرون علينا؟ أليس الأب واحدا، والأمّ واحدة، والدار واحدة؟ فقال ابن عباس: نفخر عليك بما أصبحت تفخر به على سائر قريش، وتفخر به قريش على الأنصار، وتفخر به الأنصار على العرب، وتفخر به العرب على العجم، برسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بما لا تستطيع له [إنكارا] ولا منه فرارا. [فقال: يا ابن عباس! لقد أعطيت لسانا ذربا، تكاد تغلب بباطلك حق سواك] . فقال ابن عباس: يا معاوية، إنّ الباطل لا يغلب الحقّ، فدع عنك الحسد، فبئس الشعار الحسد! فقال معاوية: صدقت يا ابن عباس. أما والله إنّي لأحبّك لأربع: إحداهنّ لقرابتك من رسول الله صلّى الله عليه وسلم، والثانية لأنك رجل من أسرتي، والثالثة لأنّك لسان قريش وزعيمها، وأما

الصفحة 181