كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 9)

وكلّ كريم للكريم مفضّل ... يراه له أهلا وإن كان أفضلا
وأما قولك: إنّ أبي كان خلّا لأبيك، فقد كان ذلك كذلك، وقد علمت ما كان من أبي إليه يوم الفتح، وكان شاكرا كريما، وقد قال الأول: [من الطويل]
سأحفظ من آخى أبي في حياته ... وأحفظه من بعده في الأقارب
ولست لمن لا يحفظ العهد وامقا ... صديقا ولا عند الملمّ بصاحب
وأمّا قولك في [عدوي عليك] بصفّين، فو الله لو لم أفعل لكنت من شرّ العالمين؛ يا معاوية، أكانت تحدّثك نفسك أني كنت خاذلا لابن عمّي أمير المؤمنين وقد حشد له المهاجرون والأنصار؟ لم يا معاوية؟ أضنّ بنفسي أم شكّ في ديني، أم جبن من سجيّتي؟ والله لو فعلت ذلك لاختبأته فيّ، وإن كنت قد عاتبت عليه.
وأما خذلان عثمان، فقد خذله من هو أمسّ رحما به منّي وأبعد رحما، فلي في الأقربين والأبعدين أسوة، ولم أعد عليه مع من عدا، بل كنت أكفّ أهل الحجاز عنه [1] .
وأما قولك في عائشة أمّ المؤمنين، فلو قرّت في بيتها كما أمرها ربّها لكان ...
عنها [2] .
وأما قولك في زياد، فإني لم أنفه، فإنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم نفاه.
(يعني بقوله هذا: «الولد للفراش، وللعاهر الحجر» ) [3] .
وإني مع هذا لأحبّ ما سرّك في جميع أمرك.
فاعترض عمرو بن العاص فقال: يا أمير المؤمنين، لا يخدعنّك ابن عباس
__________
[1] في أخبار الدولة العباسية: بل كففت عنه كما كف أهل الحجاز.
[2] في أخبار الدولة العباسية: وأما قولك في عائشة فإن الله أمرها أن تحتجب بسترها وتقر في بيتها، فلما عصت ربها، وخالفت نبيها، صنعنا ما كان منا إليها.
[3] متفق عليه.

الصفحة 183