كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 9)

بلسانه، والله ما أحبّك طرفة عين قطّ. وإنّك وإيّاه لكما قال الأوّل:
[من الطويل]
وقد كنت جلدا في الحياة مرزّأ ... وقد كنت لبّاس الرّجال على ضغن [1]
فقال ابن عباس: إنّ عمرا دخل بين العظم واللحم، والعصا واللّحاء، [وقد قال فليسمع، وقد وافق قرنا] . إني والله ما أصبحت أعتذر إلى أحد من أن أكون شانئا لك قاليا. ألا إنّ الله عزّ وجلّ يقول لنبيه صلّى الله عليه وسلم: إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ
(الكوثر: 3) . [فأنت الأبتر] من الدين والدنيا. ووجدت الله عزّ وجلّ قد قال في عقد كتابه: لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
(المجادلة: 22) فإنك قد حاددت الله ورسوله. ولقد جهدت على رسول الله صلّى الله عليه وسلم جهدك، وأجلبت عليه بخيلك ورجلك، حتى إذا غلبك الله على أمرك، وأوهن حزبك، وردّ كيدك في نحرك، عدت لعداوة أهل [بيته من بعده، ليس بك في] ذلك حبّ معاوية إلا للعداوة لله ورسوله للحسد القديم لأبناء عبد مناف، والبغض لهم، فإنك وإيّاهم [كما] قال الشاعر: [من الطويل]
تعرّض لي عمرو، وعمرو خزاية ... تعرّض ضبع القفر للأسد الورد
فما هو لي ندّ فأشتم عرضه ... ولا هو لي عبد فأبطش بالعبد
فأراد عمرو الكلام، فقال معاوية: والله ما أنت من رجاله، فإن شئت فقل، وإن شئت فدع.
388- ذكر أنّ معزّ الدولة أبا الحسن أحمد بن بويه دخل عليه أبو عبد الله ابن الداعي العلويّ وقال له: قد أقطعت فلانا اصفهسلارية الدّيلم، كلّ واحد مائة ألف؟ قال: نعم، فقال: أنت تعظّم حرمة رسول الله صلّى الله عليه وسلم؟ فقال: نعم،
__________
[1] أخبار الدولة العباسية: «على غمر» بدلا من «على ضغن» .

الصفحة 184