كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 9)

يستشف، تم من ورائه دمعة سائلة، ثم لا تنفكّ الأيام والليالي حتى يتفلّق عن طاوس ملمّع، فأيّ شيء في العالم إلا وهو دليل على أنّه ليس كمثله شيء.
«403» - ذكر أبو عبيدة أنّ رجلا من بني أميّة خطب النّوار بنت أعين المجاشعيّة فرضيته، وجعلت أمرها إلى الفرزدق، فقال: أشهدي لي بذلك على نفسك شهودا، ففعلت، واجتمع الناس لذلك، فتكلّم وقال: اشهدوا بأني قد تزوّجتها، وأصدقتها كذا وكذا، فإني أنا ابن عمّها وأحقّ بها. فبلغ ذلك النّوار، فأبته واستترت من الفرزدق، وجزعت ولجأت إلى بني قيس بن عاصم المنقريّ، فقال فيها: [من الطويل]
بني عاصم [لا تلجئوها فإنكم ... ملاجىء للسوءات دسم العمائم]
بني عاصم لو كان حيّا أبوكم ... للام بنيه اليوم قيس بن عاصم
فقالوا للفرزدق: والله لئن زدت على هذين البيتين لنقتلنّك غيلة. فنافرته النّوار إلى عبد الله بن الزبير فأرادت الخروج إليه، فتجافى الناس كراءها. ثم إنّ رجلا من بني عديّ يقال له زهير بن ثعلبة وقوما يعرفون ببني أمّ النسير أكروها. فقال الفرزدق: [من الوافر]
ولولا أن يقول بنو عديّ ... أليست أمّ حنظلة النوار
يعني بالنوار ههنا بنت حمل [1] بن عدي بن عبد مناة، وهي أمّ حنظلة بن مالك بن زيد مناة وهي إحدى جدّاته. وقال لبني أمّ النّسير: [من الطويل]
لعمري لقد أردى النّوار وساقها ... إلى الغور أحلام خفاف عقولها
__________
[1] النقائض: بنت جلّ.

الصفحة 192