كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 9)

فاستلبوه، واجتمعت العرب عليها لمّا انتهكت ما لم ينتهكه أحد قبلها وأجلتها عن أرض تهامة.
قال: ثم خرج عبد الله بن الزبير إلى المسجد، فرأى الفرزدق في بعض طرق مكّة، وقد بلغته أبيات قالها يفتخر فيها ويتهدّد، فقبض ابن الزبير على عنقه فكاد أن يدقّها، ثم قال: [من الطويل]
لقد أصبحت عرس الفرزدق ناشزا ... ولو رضيت رمح استه لاستقرّت
وهذا الشعر لجعفر بن الزبير.
ولمّا قال جعفر هذا البيت، قال عبد الله بن الزبير: أتجزرنا كلبا من كلاب بني تميم؟ إن عدت لم أكلّمك أبدا.
ولمّا أذنت النّوار لابن الزبير في تزويجها بالفرزدق، حكم عليه بمهر مثلها عشرة آلاف درهم، فسأل أهل مكّة: هل بها أحد يعينه على ذلك، فدلّ على سلم بن زياد وكان [ابن] الزبير حبسه فقال فيه: [من الطويل]
دعي مغلقي الأبواب دون فعالهم ... ومرّي تمشّي بي هبلت على سلم
إلى من يرى المعروف سهلا سبيله ... ويفعل أفعال الكرام التي تنمي
ثم دخل على سلم فأنشده، فقال: هي لك ومثلها نفقتك، فأمر له بعشرين ألفا، فقبضها فقالت له زوجته أمّ عثمان بنت عبد الله [بن عثمان] بن أبي العاصي الفقيه: أتعطي عشرين ألفا وأنت محبوس؟! فقال: [من الطويل]
ألا بكرت عرسي تلوم سفاهة ... على ما مضى منّي وتأمر بالبخل
فقلت لها والجود مني سجيّة ... وهل يمنع المعروف سؤّاله مثلي
ذريني فإني غير تارك شيمتي ... ولا مقصر عن السماحة والبذل
وهي أبيات.
ثم اصطلحا ورضيت به، وساق المهر إليها، ودخل بها وأحبلها قبل أن

الصفحة 194