كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 9)

يخرج من مكة. ثم خرج بها وهما عديلان في محمل. فكانت لا تزال تشارّه وتخالفه لأنّها كانت صالحة حسنة الدين، وكانت تكره كثيرا من أمره فتزوّج عليها حدراء بنت زيق بن بسطام بن قيس بن مسعود بن قيس بن خالد ابن عبد الله بن عمرو بن الحارث بن همّام بن مرّة بن ذهل بن شيبان. فتزوّجها على مائة من الإبل، فقالت له النّوار: ويلك! أتزوّجت عليّ أعرابيّة دقيقة الساقين، بوّالة على عقبيها على مائة بعير! فقال الفرزدق يفضّلها عليها، ويعيّرها بأمّها وكانت أمة [1] : [من الطويل]
لجارية بين السليل عروقها ... وبين أبي الصهباء [2] من آل خالد
أحقّ بإعلاء المهور من التي ... زنت وهي تنزو في جحور الولائد
وقال أيضا: [من الطويل]
لعمري لأعرابية في مظلّة ... تظلّ بروقي بيتها الريح تخفق
كأمّ غزال أو كدرّة غائص ... إذا ما بدت مثل الغمامة تشرق
أحبّ إلينا من ضناك ضفنّة ... إذا وضعت عنها المراوح تعرق [3]
ومدحها أيضا فقال: [من البسيط]
عقيلة من بني شيبان ترفعها ... دعائم للعلى من آل همّام
من آل مرّة بين المستضاء بهم ... من رهط صيد مصاليت وحكّام
بين الأحاوص من كلب مركّبها ... وبين قيس بن مسعود وبسطام
فأغضب النّوار مدحه إيّاها، فقالت: والله لأخزينّك يا فاسق، وبعثت إلى جرير فجاءها فقالت: ألا ترى ما قال لي الفاسق؟ وشكت إليه، فقال جرير: أنا
__________
[1] الأغاني: وكانت تربيها أمة.
[2] وردت السلول وأبي الشهباء في الأصل.
[3] الضناك: الضخمة من النساء والضفنة: الحمقاء مع عظم الخلق.

الصفحة 195