كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 9)

قال: وما هي؟ قلت: بنت أخيك زينب بنت حدير، قال: ما بها عنك رغبة، ولا بك عنها مقصر وإنّك لنهزة [1] .
فتكلّمت فحمدت الله عزّ وجلّ، وصليت على النبيّ صلّى الله عليه وسلم، وذكرت حاجتي. فردّ الرجل عليّ وزوّجني، وبارك القوم لي، ثم نهضنا، فما بلغت منزلي حتى ندمت؛ فقلت: تزوجت إلى أغلظ العرب وأحقدها، فهممت بطلاقها، ثم قلت: أجمعها إليّ، فإن رأيت ما أحبّ وإلا طلّقتها. فأقمت أيّاما، ثم أقبل نساؤها يهادينها، فلما أجلست في البيت أخذت بناصيتها، فبرّكت، وأخلي لي البيت، فقلت: يا هذه، إنّ من السنّة إذا دخلت المرأة على الرجل أن تصلّي ركعتين ويصلّي ركعتين، ويسألا الله خير ليلتهما ويتعوّذا بالله من شرّها؛ ثم التفتّ فإذا هي خلفي تصلّي؛ فصلّيت، ثم التفتّ فإذا هي على فراشها، فمددت يدي فقالت: على رسلك، فقلت: إحدى الدواهي منيت بها، فقالت: الحمد لله، أحمده وأستعينه، إني امرأة غريبة، ولا والله ما سرت مسيرا قطّ أشدّ عليّ منه، وأنت رجل غريب لا أعرف أخلاقك، فحدّثني بما تحبّ فآتيه، وما تكره فأنزجر عنه.
فقلت: الحمد لله، وصلى الله على محمد. قدمت خير مقدم على أهل دار زوجك سيّد رجالهم، وأنت سيدة نسائهم إن شاء الله. أحبّ كذا وكذا، وأكره كذا وكذا. قالت: أخبرني عن أختانك، أتحبّ أن يزوروك؟ قلت: إني رجل قاض، وما أحبّ أن يملّوني. فبتّ بأنعم ليلة، ثم أقمت عندها ثلاثا، ثم خرجت إلى مجلس القضاء، فكنت لا أرى يوما إلا وهو أفضل من الذي قبله، حتى إذا كان عند رأس الحول دخلت منزلي وإذا عجوز تأمر وتنهى، فقلت: يا زينب، من هذه؟ قالت: أمي فلانة؛ قلت: حيّاك الله بالسلام، قالت: أبا أمامة، كيف أنت وزوجتك؟ قلت: [بخير] ، قالت: إنّ المرأة لا ترى في
__________
[1] نهزة: فرصة تنتهز.

الصفحة 202