كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 9)

حال أسوأ منها خلقا في حالين: إذا حظيت عند زوجها، وإذا ولدت غلاما، فإن رابك منها شيء فالسوط، فإنّ الرجال والله ما حازت إلى بيوتها شرّا من الورهاء [1] المدلّة. قلت: أشهد أنّها ابنتك، قد كفيتنا الرياضة وأحسنت الأدب.
قال: فكانت في كلّ حول تأتينا، فتذكر هذا ثمّ تنصرف.
قال شريح: فما غضبت عليها قطّ إلا مرّة واحدة كنت لها ظالما فيها: كنت أمام قوم فسمعت الإقامة وقد ركعت ركعتي الفجر، فأبصرت عقربا، فعجلت عن قتلها فأكفأت عليها الإناء، فلما كنت عند الباب قلت: يا زينب، لا تحرّكي الإناء حتى أجيء، فعجلت فحرّكت الإناء، فضربتها العقرب، وجئت فإذا هي تلوّى، قلت: ما لك؟ قالت: لسعتني العقرب، فلو رأيتني يا شعبيّ وأنا أفرك إصبعها بالملح وأقرأ عليها المعوّذتين وفاتحة الكتاب. وكان لي يا شعبيّ جار يقال له ميسرة، وكان لا يزال يضرب امرأته، فقلت: [من الطويل]
رأيت رجالا يضربون نساءهم ... فشلّت يميني يوم أضرب زينبا
يا شعبيّ، وددت لو أني قاسمتها عيشي.
«419» - قال حمدون بن إسماعيل: كنت حاضرا عند المأمون ببلاد الروم بعد العشاء، [وبين يديه شمعة] في ليلة ظلماء ذات رعود وبروق، فقال لي المأمون: اركب الآن فرس النوبة، وسر إلى عسكر أبي إسحاق، يعني المعتصم، فأدّ إليه رسالتي وهي كيت وكيت. قال: فركبت، فلم تثبت معي شمعة، وسمعت وقع حافر دابّة، فرهبت ذلك وجعلت أتوقّاه حتى صكّ
__________
[1] الورهاء: الحمقاء.

الصفحة 203