كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 9)

فتستّرت. ثم رفع سجف الحجلة فقال: يا عديّة نفسها! خطبتك وليس بقرشيّ عني رغبة بعد فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فرددتني، وخطبك الزبير حواريّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم وابن عمّته فرددته، واخترت علينا ابن الصّعبة!؟
قالت: فلو وجدت نفقا لدخلت فيه. قالت: فأحلت على الزاملة التي تحمل كلّ شيء فقلت: أمر قضي، وما كان ذلك بيدي. فقال: صدقت رحمك الله. أما على ذلك فقد نكحت أصبحنا وجها، وأسخانا كفّا، وأكرمنا للنساء صحبة. ثم قال: يا أبا محمد، سلها عمّا قلت لها، فإني لم أقل إلا الذي تحبّ، قال: لا أسألها عنه أبدا.
«426» - قال السّدّيّ: أتيت كربلاء أبيع البزّ بها، فعمل لنا شيخ من طيّء طعاما [وبتنا] عنده، فذكرنا قتل الحسين عليه السلام، فقلت: ما شرك في قتله أحد إلا مات بأسوأ ميتة، فقال: ما أكذبكم يا أهل العراق، فأنا ممّن شرك في دمه. فلم نبرح حتى دنا من المصباح وهو يتّقد بنفط، فذهب يخرج الفتيلة بإصبعه، فأخذت النار فيها، فذهب يطفئها بريقه، فأخذت النار في لحيته، فعدا فألقى نفسه في الماء، فرأيته كأنّه فحمة [1] .
«427» - قال عبيد الله بن عبد الله بن طاهر: حدّثني أبو محمد الرّباطي (رباط خاوة من عمل جرجان) قال: كنت قبّارا، فبينا أنا في منزلي إذ طرقني ليلا ركب يستعجلونني، فخرجت فإذا أنا بشموع وخدم، فأمروني بالحفر، فحفرت قبرا وأودعوه تابوتا، وعفّيت عليه بالتراب، وأجالوا عليه الخيل تغويرا للموضع وانصرفوا. فظننت أنّه كنز، فأسرعت فنبشته وكشفت عن التابوت،
__________
[1] المختصر: حممة.

الصفحة 207