كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 9)

ولا تاجرا. فدخل عليه ومعه صحيفة مثل هذه. فلما رآه قال: أمير؟ فأعطاه أبو موسى الكتاب. فلما ذهب يتحرّك عن سريره قال أبو موسى: مكانك! تجهّز ثلاثا. وقيل: بل أمره أن يرحل من وقته على اختلاف الرواية فيما أمره به عمر.
فقال له المغيرة: قد علمت ما وجّهت له، فهلّا تقدّمت فصلّيت؟ فقال له أبو موسى: ما أنا وأنت في هذا الأمر إلا سواء. فقال له المغيرة: إني أحبّ أن أقيم ثلاثا لأتجهّز، فقال: قد عزم عليّ أمير المؤمنين ألا أضع عهدي من يدي إذا قرأته حتى أرحلك إليه. قال: إن شئت شفّعتني وأبررت قسم أمير المؤمنين بأن تؤجّلني إلى الظّهر وتمسك الكتاب بيدك. قال: فلقد رؤي أبو موسى مقبلا ومدبرا وإنّ الكتاب في يده معلّق بخيط. فتجهّز المغيرة، وبعث إلى أبي موسى بعقيلة جارية عربية من سبي اليمامة من بني حنيفة، وقيل: إنّها كانت [من] مولدة الطائف ومعها خادم.
وسار المغيرة حين صلّى الظهر حتى قدم على عمر رضي الله عنه. فلما قدم عليه قال: إنّه شهد عليك بأمر إن كان حقّا لأن تكون متّ قبل ذلك كان خيرا لك. وجلس.
ودعي بالمغيرة والشّهود، فتقدّم أبو بكرة، فقال: أرأيته بين فخذيها؟ قال:
نعم، والله لكأني أنظر إلى تثريم [1] جدريّ بفخذيها. فقال له المغيرة: لقد ألطفت النظر، فقال له: لم آل أن أتيت بما يخزيك الله به، فقال له عمر: لا والله حتى تشهد لقد رأيته يلج فيها ولوج المرود في المكحلة، قال: نعم، أشهد على ذلك. قال: اذهب عنك، مغيرة، ذهب ربعك!.
ثم دعا نافعا فقال: على ما تشهد؟ قال: على مثل شهادة أبي بكرة، قال:
لا، حتى تشهد أنّه يلج فيها ولوج المرود في المكحلة، فقال: نعم حتى بلغ قذذه، قال: اذهب عنك، مغيرة، ذهب نصفك! ثم دعا الثالث، فقال: علام
__________
[1] الأغاني: تشريم.

الصفحة 211