كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 9)

عندك يا سلح العقاب؟ - فصاح أبو عثمان صيحة تحكي صيحة عمر- قال عبد الكريم: لقد كدت أن يغشى عليّ.
واستتاب عمر أبا بكرة، قال: إنّما [تستتيبني] لتقبل شهادتي؟ قال:
أجل؛ قال: لا أشهد بين اثنين ما بقيت في الدنيا.
قال: فلما ضربوا الحدّ قال المغيرة: الله أكبر، الحمد لله الذي أخزاكم، فقال له عمر: أخزى الله مكانا رأوك فيه. وأقام أبو بكرة على قوله وكان يقول: والله لا أنسى رقط فخذيها، وتاب الاثنان فقبل شهادتهما. وكان أبو بكرة بعد ذلك إذا دعي إلى شهادة قال: اطلب غيري فإنّ زيادا أفسد عليّ شهادتي.
ولما ضرب أبو بكرة أمرت أمّه بشاة، فذبحت، وجعلت جلدها على ظهره، فكان يقال: ما ذلك إلا من ضرب شديد.
وكان عمر رضي الله عنه يقول للمغيرة: والله ما أظنّ أنّ أبا بكرة كذب عليك، وما رأيتك إلا خفت أن أرمى بحجارة من السماء.
وروي أن عليّا عليه السلام قال: لئن لم ينته المغيرة لأتبعنّه أحجاره.
وقال حسان بن ثابت يهجو المغيرة: [من الوافر]
لو انّ اللؤم ينسب كان عبدا ... قبيح الوجه أعور من ثقيف
تركت الدين والإسلام لمّا ... بدت لك غدوة ذات النصيف
فراجعت الصّبا وذكرت لهوا ... من الفتيان والعمر اللطيف
ولمّا شخص المغيرة إلى عمر، رأى في طريقه جارية فأعجبته، فخطبها إلى [أبيها] [1] فقال له: أنت على هذه الحال! فقال له: وما عليك، إن أعف فهو الذي تريد، وإن أقتل ترثني، فزوّجه.
قال الواقديّ: تزوّجها بالرّقم، وهي امرأة من بني مرّة. فلما قدم بها على
__________
[1] في الأصل «أمها» والتصويب عن الأغاني وهو ما يقتضيه السياق.

الصفحة 213