كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 9)

فإنما إثمه على الشهود، وتستعين به فيما أنت فيه. قال معاوية: أنت أنصحهم جيبا وآمنهم غيبا، صدقت، أخرجوا المنبر ونادوا الصلاة جامعة. فاجتمع الناس لذلك، وحضرت الشهود وهم المستورد الثقفي وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، وجلس زياد إلى جانب المنبر. فبدأ معاوية بالمستورد فقال: قم فاشهد بما علمت. فقال: أشهد أن أبا سفيان قدم الطائف فيما كان يبتاع من الأدم وغير ذلك، وأتانا آت ونحن في مجلسنا فقال: هذه جارية الحارث بن كلدة قد أدخلت على أبي سفيان، وأغلق دونها الباب؛ فبعثنا من نظر في ذلك فكان الخبر كما أخبرنا، فحسبنا من ذلك اليوم فلم يمض إلا شهر حتى مرّت بنا وقد اصفرّ لونها [.....] ، فولدت زيادا لتمام تسعة أشهر من ذلك اليوم الذي أخبرنا فيه.
وشهد غيره بمثل ذلك. وقال لأبي مريم: اشهد بما علمت. قال: إنكم إن أعفيتموني كان أحبّ إليّ، وإن أبيتم إلا أن أشهد أتيت بالشهادة على وجهها؛ قد علم من حضر الطائف أن أبا سفيان كان خلا لي [وأنه إنما قدم] الطائف عليّ حتى نظعن؛ فقدم عليّ قدمته تلك. فقال: يا أبا مريم إني قد تغرّبت منذ أشهر، فابغ لي امرأة، فقلت: أتتزوج؟ فقال: لا أقدر على ذلك مع ابنة عتبة. فقلت:
إني لا أقدر عليها إلا مومسة، قال: لا أبالي بعد أن تكون وضيئة؛ فأتيته [بسمية] ؛ (قال، قلت: لا أقدر عليها إلا أمة، قال: لا أبالي وأريدها وضيئة، فأتيته بسميّة) [1] جارية الحارث بن كلدة- ولا أعرف يومئذ بالطائف جارية أشهر منها بالفجور. فدعوتها وأعلمتها بحال أبي سفيان، فقلت: لئن أصبت منه ولدا لم تزالي في علية ما بقيت. فأسمحت حتى أخذ بكمّ درعها، فدخلا البيت فلم يلبث أن خرج عليّ يمسح جبينه؛ فقلت: مهيم، فقال: ما أصبت مثلها يا أبا مريم لولا استرخاء في ثديها وذفر في رفغيها [2] .
قال: فقال زياد: لا تسبّ أمهات الرجال فتشتم أمّك، إنما أنت شاهد.
__________
[1] ما بين قوسين قد يكون سهوا من الناسخ أو إشارة إلى رواية أخرى.
[2] الرفغ: أصل الفخذ.

الصفحة 215