كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 9)

شيئا لأعمله فوجدتها مجوّفة، ووجدت فيها اثني عشر ألف دينار، وقد جئت بالمال، فخذه عافاك الله. فقلت له: ويحك! والله ما المال لي، ولكنه كان من خبره كذا؛ وحدثته فتبسّم الرجل ثم قال: أتعرف الشيخ؟ قلت: لا، قال: هو عمي وأنا ابن أخيه، وليس له وارث غيري، وأراد أن يزوي هذا المال عني وهرّبني من البصرة سبع عشرة سنة، فأبى الله سبحانه وتعالى إلا ما ترى على رغمه. قال: فأعطيناه الدنانير كلّها ومضى إلى البصرة وأقام بها.
«439» - قال الصولي: كان المعتصم في فتنة الأمين يمضي إلى علي بن الجنيد الاسكافي فيقيم عنده، ولا يقصر عليّ في خدمته وإكرامه والنفقة عليه- وكان عليّ أكثر الناس مزاحا وأحسنهم كلاما- فآذاه المعتصم في شيء، فقال علي: والله لا يفلح أبدا على المزح، فحفظها المعتصم. فلما دخل بغداد خليفة أمر وصيفا باحضار علي فأحضره- وكان عدوا للفضل بن مروان- فضحك المعتصم، وكان يقول:
ذلك اليوم اعتقدت أن أنكب الفضل؛ ثم قال: يا علي تذكر حيث وقفت لابراهيم ابن المهدي بمربّعة الحرسي فنزلت فقبلت يده ثم أدنيت ابني هارون فقبّل يده وقلت: عبدك هارون ابني، فأمر له بعشرة آلاف درهم؟ قال علي: أذكر ذلك؛ قال: فإنه ترجّل لي اليوم وقبّل يدي في ذلك الموضع بعينه، ثم قال لي: عبدك هبة الله ابني، فأدناه فقبّل يدي، فأمرت له بعشرة آلاف درهم، ولم تطب له نفسي بغيرها.
فقال: بئس والله ما فعل أمير المؤمنين. قال: وكيف ويلك؟ قال: إبراهيم كان أمر لهارون بعشرة آلاف درهم وليست في يده إلا بغداد وحدها، وفي يد أمير المؤمنين من المشرق إلى المغرب. قال: صدقت، أعطوه عشرة آلاف دينار؛ وفرّق المعتصم في أهله ثلاثين ألف ألف درهم.
«440» - قال أحمد بن أبي الأصبغ: لما ولي المستعين الخلافة دعاني أحمد بن

الصفحة 219