كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 9)

الخصيب، وقد استوزره، فقال لي: اكتب الساعة في إشخاص أبي صالح عبد الله بن محمد بن يزداد بفرانق بأسرع من عندك وأفرههم. فورد أبو صالح بعد شهر، فمكث جمعة ودبّ في أمر أحمد بن الخصيب حتى ولي مكانه ونفى أحمد بن الخصيب إلى اقريطش. [....] فدعاني أبو صالح حين ولي فقال: اكتب الساعة إلى همذان في إشخاص شجاع بن القاسم إلى الحضرة ووجه إليه بالذي جاء بي من فارس. قال: ففعلت ذلك، فوافى شجاع فتقلد كتبة أوتامش؛ فلما تمكّن نكب أبا صالح وأقام مكانه.
«441» - حدّث القاضي أبو علي المحسّن بن علي التنوخي قال: حدثني عضد الدولة أبو شجاع فنّا خسرو ببغداد، وذلك في سنة سبعين وثلاثمائة، قال:
حدثتني أمّي- رحمها الله- أنها ولدت للأمير ركن الدولة ولدا قبلي كنّاه أبا دلف، وعاش قليلا ومضى لسبيله. قالت: فحزنت عليه حزنا شديدا أسفا على فقده وإشفاقا من أن ينقطع ما بيني وبين الأمير بعده، فسلّاني مولاي وسكّنني وأقبل عليّ وقرّبني؛ ومضت الأيام وتطاول العهد وسلوت، ثم حملت بك بأصفهان فخفت أن أجيء ببنت فلا أرى مولاي ولا يراني، لما أعرفه من كراهيّته للبنات وضيق صدره بهنّ وطول إعراضه عنهن؛ ولم أزل على جملة القلق والجزع إلى أن دخلت في شهري وقرب ما أترقّبه من أمري، وأقبلت على البكاء والدعاء ومداومة الصلاة والأدعية إلى الله في أن يجعله ولدا ذكرا سويّا محظوظا (أو كما قال عضد الدولة) ؛ ثم حضرت أيامي، واتفق أن غلبني النوم فنمت في مخادعي، ورأيت في منامي رجلا شيخا نظيف البزّة ربعة كثّ اللحية، أعين [1] عريض الأكتاف، وقد دخل عليّ وعندي أنه مولاي ركن الدولة، فلما تبيّنت
__________
[1] أعين: واسع العين عظيم سوادها.

الصفحة 220