كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 9)

يوما، ولا قاطع على أجلك إلى الوقت الذي أخبرتك به أمّك عني. قال الملك عضد الدولة: وقد كنت أنسيت أن أمي ذكرت ذلك في المنام [وأني] إذا بلغت هذه السنة من عمري اعتللت هذه العلّة التي ذكرها؛ فذكرت ذلك عند قول أبي الحسين ما قاله؛ فحين سمعت ما سمعته حدثت لي في الحال قوّة نفس لم تكن من قبل، وقلت: أقعدوني. فجاء الغلمان وأجلسوني. فلما استقللت على الفراش قلت لأبي الحسين: اجلس وأعد الحديث؛ فجلس وأعاد، وتولّدت بي شهوة الطعام، واستدعيت الطبّ فأشاروا بتناول غداء عمل في الوقت وأكلته، ولم يتصرم الوقت حتى أحسست بالصلاح الكثير، وتدرّجت العافية فركبت وعاودت عاداتي في اليوم الذي قاله أبو الحسين.
وكان الملك يشرح هذا الشرح وأبو الحسين حاضر، يقول: كذا والله قلت لمولانا، وأعيذه بالله فما أحسن حفظه وذكره.
ثم قال لي: بقي في نفسي من هذا المنام شيء، قلت: يبلغ الله مولانا آماله، ويزيده من كل ما يهواه، ويصرف عنه كل ما يخشاه؛ ولم أتجاوز الدعاء لعلمي بأن سؤاله عن ذلك سوء أدب. فعلم ما في نفسي وقال: وقوفه على أنني أملك حلب، ولو كان عنده أنني أتجاوزها لقال، حتى إنه لما ورد الخبر بإقامة ابن سيف الدعوة لي بها ذكرت المنام فنغص عليّ أمرها إشفاقا من أن تكون آخر حدود مملكتي من ذلك الصقع. فدعوت له وانقطع الحديث.
442- قال الصولي: حدثني عبيد الله بن عبد الله بن طاهر قال: لما دعي محمد بن عبد الله أخي من مقتل يحيى بن عمر العلوي، دخلت إليه بعد ذلك بمدة، يوما سحرا، وهو كئيب الوجه، ناكس الرأس، غائص في الهمّ، كأنه معروض على السيف، وأخته واقفه وجواريه قيام. فلم أقدم على مسألته عن أمره، وأومأت إلى أختي أن ما له؟ قالت: رأى رؤيا قد روّعته وأفزعته.
فتقدمت حينئذ وقلت: أيها الأمير روي عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه قال: إذا رأى أحدكم في منامه ما لا يحبّه فليتحوّل من جانبه الذي يكون عليه مضطجعا إلى

الصفحة 223