كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 9)

قلت من أنتم فصدّت وقالت ... أمبدّ سؤالك العالمينا
نحن من ساكني العراق وكنّا ... قبله ساكنين مكّة حينا
قد سألناك- إذ سألت- فمن أن ... ت عسى أن يجرّ شأن شؤونا
ولم يزل بها عمر حتى تزوّجها وولدت منه.
«451» - قال عمر بن شبّة: مات الموصليّ سنة ثمان وثمانين ومائة، ومات في ذلك اليوم الكسائيّ النحويّ، والعباس بن الأحنف الشاعر، وهشيمة الخمّارة، فرفع ذلك إلى الرشيد، فأمر المأمون أن يصلّي عليهم. فخرج فصفّوا بين يديه، فقال: من هذا الأوّل؟ قالوا: إبراهيم الموصليّ، فقال: أخّروه وقدّموا العباس بن الأحنف. فقدّم فصلّى عليهم، فلما فرغ وانصرف دنا منه هاشم بن عبد الله الخزاعيّ فقال: يا سيّدي، كيف آثرت العباس بالتّقدمة على من حضر؟
فأنشأ يقول: [من الكامل]
وسعى بها ناس فقالوا إنّها ... لهي التي تشقى بها وتكابد
فجحدتهم ليكون غيرك ظنّهم ... إني ليعجبني المحبّ الجاحد
ثم قال: أتحفظها؟ قال هاشم: نعم، فقال: أنشدني باقيها، فأنشدت:
لمّا رأيت الليل سدّ طريقه ... عني وعذّبني الظلام الراكد
والنجم في كبد السماء كأنّه ... أعمى تحيّر ما لديه قائد
ناديت من طرد الرّقاد بصدّه ... ممّا أعالج وهو خلو هاجد
يا ذا الذي صدع الفؤاد بهجره ... أنت البلاء طريفه والتالد
ألقيت بين جفون عيني حرقة ... فإلى متى أنا ساهر يا راقد
فقال لي المأمون: أليس هذا الذي من قال هذا الشعر حقيق بالتّقدمة؟ قلت:
بلى والله.

الصفحة 230