كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 9)

وكانوا يقولون: لو أعين طبع أبي العتاهية بجزالة اللفظ، لكان أشعر الناس.
453- ذكر أنّ قوما أضلّوا الطريق فاستأجروا أعرابيا يدلّهم على الطريق فقال: إني لا أخرج معكم حتى أشترط عليكم، قالوا: هات ما لك؟ قال: يدي مع أيديكم في الحارّ والقارّ، ولي موضع من النار موسّع عليّ فيها، وذكر والدتي محرّم عليكم. قالوا: فهذا لك، فما لنا عليك إن أذنبت؟ قال: إعراضة لا تؤدّي إلى مقت، وهجرة لا تمنع من مجامعة السّفرة، قالوا: فإن لم تعتب؟ قال:
فحذفة بالعصا أخطأت أم أصابت.
ويشبه هذا ما اشترطه راع على صاحب الإبل فقال له: ليس لك أن تذكر أمّي بخير أو شرّ، ولك حذفة بالعصا عند غضبك أخطأت أم أصابت، ولي مقعد [من النار] وموضعي من الحارّ.
«454» - ذكر عليّ بن سليمان الأخفش في كتاب المغتالين بإسناده عن ابن الكلبي قال: عشقت أمّ البنين بنت عبد العزيز ابن مروان زوجة الوليد بن عبد الملك وضّاح اليمن فكانت ترسل إليه فيدخل إليها ويقيم عندها، فإذا خافت وارته في صندوق عندها وأقفلت عليه. فأهدي للوليد جوهر له قيمة فأعجبه واستحسنه، فدعا خادما له فبعث به إلى أمّ البنين وقال: قل لها إنّ هذا الجوهر أعجبني فآثرتك به. فدخل الخادم عليها مفاجأة ووضّاح عندها فأدخلته الصندوق وهو يرى فأدّى إليها [رسالة الوليد] ورفع الجوهر إليها وقال لها: يا مولاتي، هبي لي منه حجرا، فقالت: لا يا ابن اللخناء ولا كرامة. فرجع إلى الوليد فأخبره فقال: كذبت يا ابن اللخناء، وأمر به فوجئت عنقه، ثمّ لبس نعليه ودخل على أمّ البنين وهي جالسة في ذلك البيت تمتشط وقد وصف له الخادم الصندوق الذي أدخلته فيه، فجاء فجلس عليه ثم قال لها: يا أمّ البنين، ما أحبّ إليك هذا البيت من بين بيوتك! فلم تختارينه؟ فقالت: أجاس فيه وأختاره لأنه يجمع حوائجي كلّها فأتناولها منه من

الصفحة 232