كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 9)

والجليل، وآلة لإظهار الغامض والمشتبه، وكشف الخفيّ والملتبس، وأدلّة للتفضيل بين الحجّة والشّبهة، والجماعة والفرقة، والشذوذ والاستفاضة، والحظر والإباحة، والردّ والمعارضة، وبه يعرف الشكل والضّدّ، والعدل والقصد، ويتغلغل في الأمور الخفيّة، ويتوصّل إلى المعاني العقلية، ويتوغّل إلى حقائق الأشياء ومعاني الأسماء.
«475» - قال الخليل بن أحمد: يكثّر الكلام ليفهم، ويقلّل ليحفظ. وقد قال الشاعر في هذا المعنى: [من الكامل]
يرمون بالخطب الطّوال وتارة ... وحي الملاحظ خيفة الرّقباء
وقال آخر: [من الكامل]
يكفي قليل كلامه وكثيره ... ثبت إذا طال النّضال مصيب
«476» - قال عبد الرحمن بن السائب الأنصاريّ: جمع زياد أهل الكوفة ليعرضهم على البراءة من عليّ عليه السلام والشّتم له، فملأ الرحبة والمسجد والقصر. قال: فأغفيت إغفاءة فرأيت شبحا له عنق مثل عنق البعير أهدل أهدب، فقلت: ما أنت؟ قال: النّقّاد ذو الرّقبة، بعثت إلى صاحب القصر. فانتبهت فزعا فقلت لأصحابي: هل رأيتم ما رأيت؟ قالوا: ما رأينا شيئا، فلم يكن بأسرع من أن خرج علينا خارج من القصر فقال: أيّها الناس، انصرفوا فإنّ الأمير في شغل اليوم.
وإذا هو قد فلج. فقال عبد الرحمن بن السائب: [من البسيط]
ما كان منتهيا عمّا أراد بنا ... حتى تناوله النّقّاد ذو الرّقبه
فأسقط الشّقّ منه ضربة ثبتت ... كما تناول ظلما صاحب الرّحبه
وبلغ الحسن بن عليّ عليهما السلام ما كان يصنع بشيعة عليّ، فقال: اللهم تفرّد

الصفحة 244