كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 9)

فقلت له: أتعبث بلحيتك؟ قال: لا، ولكن هذا ما لقيت من ظلمة أهل الشام؛ دخلوا عليّ زمان الحرّة فأخذوا ما كان في البيت ثم خرجوا، ثم دخلت طائفة أخرى فأخذوا ما كان في [البيت من حلية] أو متاع ثم خرجوا، ثم دخلت طائفة أخرى فلم يصيبوا في البيت شيئا، فأسفوا أن يخرجوا فأضجعوا الشّيخ وأخذ كلّ واحد خصلة من لحيتي، فأنا أتركها حتى أوافي بها ربّ العالمين.
«485» - وجاء عمرو بن عثمان بن عفّان بيزيد بن عبد الله بن زمعة، وجدّته أمّ سلمة زوج النبيّ صلّى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه، وكان عمرو بن عثمان قال لأمّ سلمة: أرسلي معي ابن ابنتك ولك عهد الله وميثاقه أن أردّه عليك كما أخذته منك. فجاء به إلى مسلم بن عقبة، فجلس على طرف سريره، فلما تقدّم يزيد بن عبد الله، قال: بايع لعبد الله يزيد أمير المؤمنين على أنكم خوله ممّا أفاء الله عليه بأسياف المسلمين، إن شاء وهب، وإن شاء أعتق، وإن شاء استرقّ. قال له يزيد: والله لأنا أقرب إلى أمير المؤمنين منك، قال: والله لا تستقيلها أبدا. فقال له عمرو بن عثمان: أنشدك الله، فإني أخذته من أمّ سلمة بعهد الله وميثاقه أن أردّه إليها. قال: فركضه برجله فرمى به من فوق السرير وقال: والله لو قلتها ما أقلتك حتى أضرب الذي فيه عيناك. فقتل يزيد بن عبد الله.
«486» - قال سعيد بن المسيّب: مكثت ثلاثة أيام في زمن يزيد بن معاوية أصلّي في المسجد لا يصلّي معي داع ولا مجيب؛ إنّ أهل الشام لا يتركون أحدا بلغ الحلم إلا ضربوا عنقه، وإنّهم يلقونني مقبلا ومدبرا لا يسألونني عن شيء، إذا كان وقت الصلاة سمعت داعيا يخرج اليّ من بيت النبيّ صلّى الله عليه وسلم، فأعرف أنّه وقت الصلاة، فأقوم فأؤذّن وأصلّي.

الصفحة 246